الرابع : التعليق الذي يذكره ، صاحب ( الجمع بين الصحيحين ) وغيره من المغاربة ، في أحاديث من صحيح أبو عبد الله الحميدي قطع إسنادها - وقد استعمله البخاري من قبل - : صورته صورة الانقطاع ، وليس حكمه حكمه ، ولا خارجا ما وجد ذلك فيه منه من قبيل الصحيح إلى قبيل الضعيف ، وذلك لما عرف من شرطه وحكمه ، على ما نبهنا عليه في الفائدة السادسة من النوع الأول . الدارقطني
ولا التفات إلى الحافظ في رده ما أخرجه أبي محمد بن حزم الظاهري ، من حديث البخاري أبي عامر ، أو أبي مالك الأشعري عن [ ص: 68 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم : " . . " الحديث . من جهة أن ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف أورده قائلا فيه : قال البخاري وساقه بإسناده ، فزعم هشام بن عمار أنه منقطع فيما بين ابن حزم البخاري وهشام ، وجعله جوابا عن الاحتجاج به على تحريم المعازف . وأخطأ في ذلك من وجوه ، والحديث صحيح معروف الاتصال بشرط الصحيح .
رحمه الله قد يفعل ذلك ، لكون ذلك الحديث معروفا من جهة الثقات عن ذلك الشخص الذي علقه عنه ، وقد يفعل ذلك لكونه قد ذكر ذلك الحديث في موضع آخر من كتابه مسندا متصلا وقد يفعل ذلك لغير ذلك من الأسباب التي لا يصحبها خلل الانقطاع ، والله أعلم . والبخاري
[ ص: 69 ] وما ذكرناه من الحكم في التعليق المذكور فذلك فيما أورده منه أصلا ومقصودا لا فيما أورده في معرض الاستشهاد ، فإن الشواهد يحتمل فيها ما ليس من شرط الصحيح ، معلقا كان أو موصولا .
ثم إن لفظ وجدته مستعملا فيما حذف من مبتدأ إسناده واحد فأكثر ، حتى إن بعضهم استعمله في حذف كل الإسناد . التعليق
مثال ذلك : قوله " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا ، قال كذا وكذا . روى ابن عباس كذا وكذا . قال أبو هريرة عن سعيد بن المسيب كذا وكذا ، قال أبي هريرة عن الزهري أبي سلمة ، عن ، عن النبي صلى الله عليه وسلم كذا وكذا " . وهكذا إلى شيوخ شيوخه . أبي هريرة
وأما ما أورده كذلك عن شيوخه فهو من قبيل ما ذكرناه قريبا في الثالث من هذه التفريعات .
وبلغني عن بعض المتأخرين من أهل المغرب أنه جعله قسما من التعليق ثانيا ، وأضاف إليه - في غير موضع من كتابه - : " وقال لي فلان ، وزادنا فلان البخاري " فوسم كل ذلك بالتعليق المتصل من حيث الظاهر ، المنفصل من حيث المعنى ، وقال : متى رأيت قول يقول : " وقال لي ، وقال لنا " فاعلم أنه إسناد لم يذكره للاحتجاج به ، وإنما ذكره للاستشهاد به . البخاري
وكثيرا ما يعبر المحدثون بهذا اللفظ عما جرى بينهم في المذاكرات والمناظرات ، [ ص: 70 ] وأحاديث المذاكرة قلما يحتجون بها .
قلت : وما ادعاه على مخالف لما قاله من هو أقدم منه وأعرف البخاري ، وهو العبد الصالح بالبخاري ، فقد روينا عنه أنه قال : كل ما قال أبو جعفر بن حمدان النيسابوري : " قال لي فلان " فهو عرض ومناولة . البخاري
قلت : ولم أجد لفظ التعليق مستعملا فيما سقط فيه بعض رجال الإسناد من وسطه أو من آخره ، ولا في مثل قوله : " يروى عن فلان ، ويذكر عن فلان " وما أشبهه مما ليس فيه جزم على من ذكر ذلك بأنه قاله وذكره .
وكأن هذا التعليق مأخوذ من تعليق الجدار ، وتعليق الطلاق ونحوه ، لما يشترك الجميع فيه من قطع الاتصال ، والله أعلم .