النوع السابع والعشرون
معرفة
nindex.php?page=treesubj&link=29218آداب المحدث
وقد مضى طرف منها اقتضته الأنواع التي قبله .
علم الحديث علم شريف ، يناسب مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم ، وينافر مساوي الأخلاق ، ومشاين الشيم ، وهو من علوم الآخرة لا من علوم الدنيا . فمن أراد التصدي لإسماع الحديث ، أو لإفادة شيء من علومه ، فليقدم تصحيح النية وإخلاصها ، وليطهر قلبه من الأغراض الدنيوية وأدناسها ، وليحذر بلية حب الرياسة ، ورعوناتها .
وقد اختلف في
nindex.php?page=treesubj&link=29218السن الذي إذا بلغه استحب له التصدي لإسماع الحديث ، والانتصاب لروايته ، والذي نقوله : إنه متى احتيج إلى ما عنده استحب له التصدي لروايته ، ونشره ، في أي سن كان ، وروينا عن
nindex.php?page=showalam&ids=14347القاضي الفاضل أبي محمد بن خلاد رحمه الله أنه قال : " الذي يصح عندي من طريق الأثر والنظر ، في الحد الذي إذا بلغه
[ ص: 237 ] الناقل حسن به أن يحدث هو : أن يستوفي الخمسين ; لأنها انتهاء الكهولة وفيها مجتمع الأشد ، قال
سحيم بن وثيل :
أخو خمسين مجتمع أشدي ونجذني مداورة الشئون
.
قال : " وليس بمنكر أن يحدث عند استيفاء الأربعين ; لأنها حد الاستواء ومنتهى الكمال ، نبئ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن أربعين ، وفي الأربعين تتناهى عزيمة الإنسان وقوته ، ويتوفر عقله ، ويجود رأيه " .
وأنكر
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض ذلك على
nindex.php?page=showalam&ids=13122ابن خلاد ، وقال : كم من السلف المتقدمين ومن بعدهم من المحدثين من لم ينته إلى هذا السن ، ومات قبله ، وقد نشر من الحديث ، والعلم ما لا يحصى هذا
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز توفي ولم يكمل الأربعين .
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير لم يبلغ الخمسين . وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=12354إبراهيم النخعي .
وهذا
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس جلس للناس ابن نيف وعشرين ، وقيل : ابن سبع عشرة ، والناس متوافرون ، وشيوخه أحياء ، وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=13790محمد بن إدريس الشافعي : قد أخذ عنه العلم في سن الحداثة ، وانتصب لذلك " ، والله أعلم .
قلت : ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13122ابن خلاد غير مستنكر ، وهو محمول على أنه قاله : فيمن يتصدى للتحديث ابتداء من نفسه من غير براعة في العلم
[ ص: 238 ] تعجلت له قبل السن الذي ذكره ، فهذا إنما ينبغي له ذلك بعد استيفاء السن المذكور ، فإنه مظنة الاحتياج إلى ما عنده ، وأما الذين ذكرهم
عياض ممن حدث قبل ذلك فالظاهر أن ذلك لبراعة منهم في العلم تقدمت ، ظهر لهم معها الاحتياج إليهم ، فحدثوا قبل ذلك ، أو لأنهم سئلوا ذلك إما بصريح السؤال ، وإما بقرينة الحال .
النَّوْعُ السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ
مَعْرِفَةُ
nindex.php?page=treesubj&link=29218آدَابِ الْمُحَدِّثِ
وَقَدْ مَضَى طَرَفٌ مِنْهَا اقْتَضَتْهُ الْأَنْوَاعُ الَّتِي قَبْلَهُ .
عِلْمُ الْحَدِيثِ عِلْمٌ شَرِيفٌ ، يُنَاسِبُ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ وَمَحَاسِنَ الشِّيَمِ ، وَيُنَافِرُ مَسَاوِيَ الْأَخْلَاقِ ، وَمَشَايِنَ الشِّيَمِ ، وَهُوَ مِنْ عُلُومِ الْآخِرَةِ لَا مِنْ عُلُومِ الدُّنْيَا . فَمَنْ أَرَادَ التَّصَدِّيَ لِإِسْمَاعِ الْحَدِيثِ ، أَوْ لِإِفَادَةِ شَيْءٍ مِنْ عُلُومِهِ ، فَلْيُقَدِّمْ تَصْحِيحَ النِّيَّةِ وَإِخْلَاصَهَا ، وَلْيُطَهِّرْ قَلْبَهُ مِنَ الْأَغْرَاضِ الدُّنْيَوِيَّةِ وَأَدْنَاسِهَا ، وَلْيَحْذَرْ بَلِيَّةَ حُبِّ الرِّيَاسَةِ ، وَرُعُونَاتِهَا .
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=29218السِّنِّ الَّذِي إِذَا بَلَغَهُ اسْتُحِبَّ لَهُ التَّصَدِّي لِإِسْمَاعِ الْحَدِيثِ ، وَالِانْتِصَابُ لِرِوَايَتِهِ ، وَالَّذِي نَقُولُهُ : إِنَّهُ مَتَى احْتِيجَ إِلَى مَا عِنْدَهُ اسْتُحِبَّ لَهُ التَّصَدِّي لِرِوَايَتِهِ ، وَنَشْرِهِ ، فِي أَيِّ سِنٍّ كَانَ ، وَرُوِّينَا عَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=14347الْقَاضِي الْفَاضِلِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ خَلَّادٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ : " الَّذِي يَصِحُّ عِنْدِي مِنْ طَرِيقِ الْأَثَرِ وَالنَّظَرِ ، فِي الْحَدِّ الَّذِي إِذَا بَلَغَهُ
[ ص: 237 ] النَّاقِلُ حَسُنَ بِهِ أَنْ يُحَدِّثَ هو : أَنْ يَسْتَوْفِيَ الْخَمْسِينَ ; لِأَنَّهَا انْتِهَاءُ الْكُهُولَةِ وَفِيهَا مُجْتَمَعُ الْأَشُدِّ ، قَالَ
سُحَيْمُ بْنُ وَثِيلٍ :
أَخُو خَمْسِينَ مُجْتَمِعٌ أَشُدِّي وَنجَّذَنِي مُدَاوَرَةُ الشُّئُونِ
.
قَالَ : " وَلَيْسَ بِمُنْكَرٍ أَنْ يُحَدِّثَ عِنْدَ اسْتِيفَاءِ الْأَرْبَعِينَ ; لِأَنَّهَا حَدُّ الِاسْتِوَاءِ وَمُنْتَهَى الْكَمَالِ ، نُبِّئَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ ، وَفِي الْأَرْبَعِينَ تَتَنَاهَى عَزِيمَةُ الْإِنْسَانِ وَقُوَّتُهُ ، وَيَتَوَفَّرُ عَقْلُهُ ، وَيَجُودُ رَأْيُهُ " .
وَأَنْكَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=14961الْقَاضِي عِيَاضٌ ذَلِكَ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=13122ابْنِ خَلَّادٍ ، وَقَالَ : كَمْ مِنَ السَّلَفِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ مَنْ لَمْ يَنْتَهِ إِلَى هَذَا السَّنِّ ، وَمَاتَ قَبْلَهُ ، وَقَدْ نَشَرَ مِنَ الْحَدِيثِ ، وَالْعِلْمِ مَا لَا يُحْصَى هَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=16673عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ تُوُفِّيَ وَلَمْ يُكْمِلِ الْأَرْبَعِينَ .
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ لَمْ يَبْلُغِ الْخَمْسِينَ . وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=12354إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ .
وَهَذَا
nindex.php?page=showalam&ids=16867مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ جَلَسَ لِلنَّاسِ ابْنَ نَيِّفٍ وَعِشْرِينَ ، وَقِيلَ : ابْنَ سَبْعَ عَشْرَةَ ، وَالنَّاسُ مُتَوَافِرُونَ ، وَشُيُوخُهُ أَحْيَاءٌ ، وَكَذَلِكَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيُّ : قَدْ أُخِذَ عَنْهُ الْعِلْمُ فِي سِنِّ الْحَدَاثَةِ ، وَانْتَصَبَ لِذَلِكَ " ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
قُلْتُ : مَا ذَكَرَهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13122ابْنُ خَلَّادٍ غَيْرُ مُسْتَنْكَرٍ ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ قَالَهُ : فِيمَنْ يَتَصَدَّى لِلتَّحْدِيثِ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ بَرَاعَةٍ فِي الْعِلْمِ
[ ص: 238 ] تَعَجَّلَتْ لَهُ قَبْلَ السِّنِّ الَّذِي ذَكَرَهُ ، فَهَذَا إِنَّمَا يَنْبَغِي لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ اسْتِيفَاءِ السِّنِّ الْمَذْكُورِ ، فَإِنَّهُ مَظِنَّةُ الِاحْتِيَاجِ إِلَى مَا عِنْدَهُ ، وَأَمَّا الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ
عِيَاضٌ مِمَّنْ حَدَّثَ قَبْلَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لِبَرَاعَةٍ مِنْهُمْ فِي الْعِلْمِ تَقَدَّمَتْ ، ظَهَرَ لَهُمْ مَعَهَا الِاحْتِيَاجُ إِلَيْهِمْ ، فَحَدَّثُوا قَبْلَ ذَلِكَ ، أَوْ لِأَنَّهُمْ سُئِلُوا ذَلِكَ إِمَّا بِصَرِيحِ السُّؤَالِ ، وَإِمَّا بِقَرِينَةِ الْحَالِ .