[ ص: 237 - 238 ] باب الموادعة ومن يجوز أمانه
( وإذا فلا بأس به ) لقوله تعالى: { رأى الإمام أن يصالح أهل الحرب أو فريقا منهم ، وكان في ذلك مصلحة للمسلمين وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله }{ مكة عام الحديبية ، على أن يضع الحرب بينه وبينهم عشر سنين } ، ولأن الموادعة جهاد [ ص: 239 ] معنى إذا كان خيرا للمسلمين ، لأن المقصود وهو دفع الشر حاصل به ، ولا يقتصر الحكم على المدة المروية لتعدي المعنى إلى ما زاد عليها ، بخلاف ما إذا لم يكن خيرا ; لأنه ترك الجهاد صورة ومعنى . ووادع رسول الله عليه الصلاة والسلام أهل
( وإن صالحهم مدة ، ثم رأى نقض الصلح أنفع نبذ إليهم وقاتلهم ) لأنه عليه الصلاة والسلام نبذ الموادعة التي كانت بينه وبين أهل مكة ، ولأن المصلحة لما تبدلت كان النبذ جهادا وإيفاء العهد ترك الجهاد صورة ومعنى فلا بد من النبذ تحرزا عن الغدر .
[ ص: 240 ] وقد قال عليه الصلاة والسلام : { في العهود وفاء لا غدر }ولا بد من اعتبار مدة يبلغ فيها خبر النبذ إلى جميعهم ، ويكتفي في ذلك بمضي مدة يتمكن ملكهم بعد علمه بالنبذ من إنفاذ الخبر إلى أطراف مملكته لأن بذلك ينتفي الغدر .
قال : ( وإن بدءوا بخيانة قاتلهم ولم ينبذ إليهم إذا كان ذلك باتفاقهم ) لأنهم صاروا ناقضين للعهد فلا حاجة إلى نقضه ، بخلاف ما إذا دخل جماعة [ ص: 241 ] منهم فقطعوا الطريق ولا منعة لهم حيث لا يكون هذا نقضا للعهد ، ولو كانت لهم منعة وقاتلوا المسلمين علانية يكون نقضا للعهد في حقهم دون غيرهم لأنه بغير إذن ملكهم ففعلهم لا يلزم غيرهم ، حتى لو كان بإذن ملكهم صاروا ناقضين للعهد لأنه باتفاقهم معنى .
[ ص: 238 ]