فصل استطرادي آخر
نصرانية الإفرنج ولماذا لا يسلمون ! ؟ .
( فإن قيل ) : إنكم معشر علماء المسلمين ما وقفتم على كل هذه الحقائق التاريخية التي تبطل اليهود والنصارى ، وعلى ما فيها من التعارض والتناقض والخطأ العلمي والتاريخي ، وكذا التعاليم الضارة التي تدل على استحالة كونها كلها وحيا من الله تعالى ، ولا على مصادر عقيدة التثليث والصلب والفداء من أديان قدماء الوثنيين - ما وقفتم على كل هذا مما لخصتم بعضه هنا وبعضه من قبل - إلا - من كتبهم الدينية والعلمية والتاريخية ، ولا سيما كتب علماء الثقة بنقل كتب أوربة من أحرار الماديين والمتدينين جميعا ، وبالاطلاع على هذه الكتب كان المتأخرون منكم كالشيخ رحمة الله الهندي ، والطبيب محمد توفيق صدقي المصري رحمهما الله وغيرهما أعلم بما ذكر من فحول المتقدمين الذين ردوا على النصارى وشيخ الإسلام كالإمام ابن حزم ابن تيمية ـ رضي الله عنهما ـ فكيف نرى أكثر هؤلاء النصارى ثابتين على دينهم هذا في الشرق والغرب ؟ ولا سيما الإفرنج الذين نشروا تلك الحقائق في شعوبهم بجميع لغاتهم ، ولا يزال أغنياؤهم يبذلون القناطير المقنطرة من الذهب والفضة ; لنشر هذا الدين في العالم وتؤيدهم دولهم في ذلك ؟ .
بل كيف لا يستحيون وهذه حالهم في دينهم من دعوة المسلمين إليه ومن طعنهم في الإسلام ؟ بل كيف لا يدخلون في الإسلام أفواجا ، وقد اختبروا جميع الأديان والتواريخ ، وآن لهم أن يعلموا أنه هو الدين القطعي الرواية ، الموافق للعقل والفطرة . الحلال لجميع مشاكل الاجتماع المفسدة للحضارة ، الذي بين لهم حقيقة دينهم ، وما عرض عليه من البدع فأيدته فيه أبحاث المحققين من علمائهم الأحرار ؟ .
( قلنا ) : إن حل هذه المشكلات والأجوبة عن هذه الشبهات لا يمكن بسطها إلا في سفر كبير ، فنكتفي هنا بالإلمام بقضاياها الكلية المهمة بالإجمال ، وهي مبسوطة في مواضع من المنار والتفسير بالتفصيل ، فنقول :