[ ص: 328 ] تنبيه
اعلم أن ما عليه جمهور العلماء من جواز محله فيما إذا كان الذي يحج عنهما قد حج عن نفسه حجة الإسلام ، خلافا لمن لم يشترط ذلك ، واحتج الجمهور القائلون بأن النائب عن غيره في الحج لا بد أن يكون حج عن نفسه حجة الإسلام بحديث جاء في ذلك . الحج عن المعضوب والميت
قال أبو داود في سننه : حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني ، - المعنى واحد - قال وهناد بن السري إسحاق : ثنا ، عن عبدة بن سليمان ، عن ابن أبي عروبة قتادة عن عزرة ، عن ، عن سعيد بن جبير : ابن عباس شبرمة . قال " من شبرمة ؟ قال : أخ لي - أو : قريب لي - قال : حججت عن نفسك ؟ قال : لا . قال : حج عن نفسك ، ثم عن شبرمة " وقال أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن في سننه : حدثنا ابن ماجه ، ثنا محمد بن عبد الله بن نمير ، عن عبدة بن سليمان سعيد ، عن قتادة ، عن عزرة ، عن ، عن سعيد بن جبير : ابن عباس شبرمة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " من شبرمة ؟ قال : قريب لي . قال : هل حججت قط ؟ قال : لا ، قال : فاجعل هذه عن نفسك ، ثم حج عن شبرمة " ، وإسناد هذا الحديث عند أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول : لبيك عن أبي داود ، رجاله كلهم ثقات ، معروفون ، إلا وابن ماجه عزرة الذي رواه عنه قتادة ، وقتادة روى عن ثلاثة كلهم اسمه : عزرة ، وعزرة المذكور في إسناد هذا الحديث ، عند أبي داود ذكراه غير منسوب ، وجزم وابن ماجه البيهقي بأنه عزرة بن يحيى ، وعزرة بن يحيى لم يذكره في التاريخ ، ولا البخاري في الجرح والتعديل ، ولم يخصه ابن أبي حاتم ابن حجر في تهذيب التهذيب بترجمة ، ولم يذكره الذهبي في الميزان ، وقد ذكره ابن حجر في التقريب ، وقال فيه : مقبول ، وقد روى هذا الحديث أيضا ، الدارقطني في صحيحه وروى وابن حبان البيهقي من طريق ، عن عبدة بن سليمان الكلابي ، عن سعيد بن أبي عروبة قتادة ، عن عزرة ، عن ، عن سعيد بن جبير ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم قال : هذا إسناد صحيح ، ليس في هذا الباب أصح منه ، أخرجه ابن عباس أبو داود في السنن عن إسحاق بن إسماعيل ، ، عن وهناد بن السري عبدة ، وقال : : أثبت الناس سماعا ، عن يحيى بن معين سعيد عبدة بن سليمان ، ثم قال : قال الشيخ : وكذلك رواه ، عن أبو يوسف القاضي سعيد ، ثم ساق بإسناده رواية أبي يوسف ، وأورد متن الحديث كما سبق ، ثم قال : وكذلك روي عن محمد بن عبد الله الأنصاري ، عن ومحمد بن بشر ، ورواه ابن أبي عروبة عن غندر موقوفا على سعيد بن أبي عروبة ، ومن رواه مرفوعا حافظ ثقة ، فلا يضره خلاف من خالفه ، ابن عباس وعزرة هذا هو عزرة بن [ ص: 329 ] يحيى ، أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال : سمعت أبا علي الحافظ يقول ذلك ، وقد روى قتادة أيضا عن عزرة بن تميم ، وعن عزرة بن عبد الرحمن . اهـ من البيهقي ، وقد أورد روايات أخر عن تؤيد الحديث المذكور ، وذكره ابن عباس ابن حجر في التلخيص وأطال فيه الكلام ، وذكر كلام البيهقي في تصحيحه ، وكلام من لم يصححه وذكر طرقه ثم قال ما نصه : فيجتمع من هذا صحة الحديث . اهـ محل الغرض منه .
وقال النووي في شرح المهذب : وأما حديث في قصة ابن عباس شبرمة فرواه أبو داود ، ، والدارقطني والبيهقي ، وغيرهم بأسانيد صحيحة ، ثم ذكر لفظ أبي داود كما قدمنا ، ثم قال : وإسناده على شرط مسلم ، والظاهر أن النووي يظن أن عزرة المذكور في إسناده هو ابن عبد الرحمن ، وذلك من رجال مسلم ، والواقع خلاف ذلك ، وهو عزرة بن يحيى كما جزم به البيهقي ، ثم قال النووي : ورواه البيهقي بإسناد صحيح ، عن ، ثم ذكر بعض ما ذكرنا سابقا من تصحيح ابن عباس البيهقي للحديث ، وأن رفعه أصح من وقفه .
فتحصل من هذا كله : أن الحديث صالح للاحتجاج ، وفيه دليل على أن . وقاس العلماء العمرة على الحج في ذلك ، وهو قياس ظاهر ، والعلم عند الله تعالى . النائب في الحج لا بد أن يكون قد حج عن نفسه
وخالف في ذلك بعض العلماء كأبي حنيفة ومن وافقه ، فقالوا : يصح حج النائب عن غيره وإن لم يحج عن نفسه ، واستدلوا بظواهر الأحاديث التي ذكرناها في الحج عن المعضوب والميت ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيها : " ، ونحو ذلك من العبارات ، ولم يسأل أحدا منهم هل حج عن نفسه أو لا . وترك الاستفصال ينزل منزلة العموم في الأقوال كما تقدم . " حج عن أبيك ، حج عن أمك
قال مقيده - عفا الله عنه وغفر له - : الأظهر تقديم الحديث الخاص الذي فيه قصة شبرمة ; لأنه لا يتعارض عام وخاص ، فلا يحج أحد عن أحد حتى يحج عن نفسه حجة الإسلام ، والعلم عند الله تعالى .