[ ص: 84 ] تفسير سورة الزمر وهي مكية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : حدثنا
محمد بن النضر بن مساور ، حدثنا
حماد ، عن
مروان أبي لبابة ، عن
عائشة - رضي الله عنها - قالت :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822771كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصوم حتى نقول : ما يريد أن يفطر . ويفطر حتى نقول : ما يريد أن يصوم . وكان يقرأ في كل ليلة بني إسرائيل والزمر .
بسم الله الرحمن الرحيم
(
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=1تنزيل الكتاب من الله العزيز الحكيم ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ألا لله الدين الخالص والذين اتخذوا من دونه أولياء ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار ( 4 ) ) .
يخبر تعالى أن تنزيل هذا الكتاب - وهو القرآن العظيم - من عنده ، تبارك وتعالى ، فهو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ، كما قال تعالى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وإنه لتنزيل رب العالمين . نزل به الروح الأمين . على قلبك لتكون من المنذرين . بلسان عربي مبين ) [ الشعراء : 192 - 195 ] .
وقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=41وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ) [ فصلت : 42 ، 41 ] . وقال هاهنا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=1تنزيل الكتاب من الله العزيز ) أي : المنيع الجناب ، ( الحكيم ) أي : في أقواله وأفعاله ، وشرعه ، وقدره .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين ) أي : فاعبد الله وحده لا شريك له ، وادع الخلق إلى ذلك ، وأعلمهم أنه لا تصلح العبادة إلا له [ وحده ] ، وأنه ليس له شريك ولا عديل ولا نديد ; ولهذا قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ألا لله الدين الخالص ) أي :
nindex.php?page=treesubj&link=28276لا يقبل من العمل إلا ما أخلص فيه العامل لله ، وحده لا شريك له .
وقال
قتادة في قوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ألا لله الدين الخالص ) شهادة أن لا إله إلا الله . ثم أخبر تعالى عن عباد الأصنام من المشركين أنهم يقولون : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) أي : إنما يحملهم على عبادتهم لهم أنهم عمدوا إلى أصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين في زعمهم ، فعبدوا تلك الصور تنزيلا لذلك منزلة عبادتهم الملائكة ; ليشفعوا لهم عند الله في
[ ص: 85 ] نصرهم ورزقهم ، وما ينوبهم من أمر الدنيا ، فأما المعاد فكانوا جاحدين له كافرين به .
قال
قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=15944زيد بن أسلم ،
وابن زيد : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إلا ليقربونا إلى الله زلفى ) أي : ليشفعوا لنا ، ويقربونا عنده منزلة .
ولهذا كانوا يقولون في تلبيتهم إذا حجوا في جاهليتهم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822772لبيك لا شريك لك ، إلا شريكا هو لك ، تملكه وما ملك " . وهذه الشبهة هي التي اعتمدها المشركون في قديم الدهر وحديثه ، وجاءتهم الرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ، بردها والنهي عنها ، والدعوة إلى إفراد العبادة لله وحده لا شريك له ، وأن هذا شيء اخترعه المشركون من عند أنفسهم ، لم يأذن الله فيه ولا رضي به ، بل أبغضه ونهى عنه : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ) [ النحل : 36 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون ) [ الأنبياء : 25 ] .
وأخبر أن الملائكة التي في السماوات من المقربين وغيرهم ، كلهم عبيد خاضعون لله ، لا يشفعون عنده إلا بإذنه لمن ارتضى ، وليسوا عنده كالأمراء عند ملوكهم ، يشفعون عندهم بغير إذنهم فيما أحبه الملوك وأبوه ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=74فلا تضربوا لله الأمثال ) [ النحل : 74 ] ، تعالى الله عن ذلك .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إن الله يحكم بينهم ) أي : يوم القيامة ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3في ما هم فيه يختلفون ) أي : سيفصل بين الخلائق يوم معادهم ، ويجزي كل عامل بعمله ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=40ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك أنت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون ) [ سبأ : 41 ، 40 ] .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إن الله لا يهدي من هو كاذب كفار ) أي : لا يرشد إلى الهداية من قصده الكذب والافتراء على الله ، وقلبه كفار يجحد بآياته [ وحججه ] وبراهينه .
ثم بين تعالى أنه لا ولد له كما يزعمه جهلة المشركين في الملائكة ، والمعاندون من
اليهود والنصارى في
العزير ،
وعيسى فقال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء ) أي : لكان الأمر على خلاف ما يزعمون . وهذا شرط لا يلزم وقوعه ولا جوازه ، بل هو محال ، وإنما قصد تجهيلهم فيما ادعوه وزعموه ، كما قال : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين ) [ الأنبياء : 17 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=81قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين ) [ الزخرف : 81 ] ، كل هذا من باب الشرط ، ويجوز تعليق الشرط على المستحيل لقصد المتكلم .
وقوله : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29010_29705سبحانه هو الله الواحد القهار ) أي : تعالى وتنزه وتقدس عن أن يكون له ولد ، فإنه الواحد الأحد ، الفرد الصمد ، الذي كل شيء عبد لديه ، فقير إليه ، وهو الغني عما سواه الذي قد قهر الأشياء فدانت له وذلت وخضعت .
[ ص: 84 ] تَفْسِيرُ سُورَةِ الزُّمَرِ وَهِيَ مَكِّيَّةٌ .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ : حَدَّثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ النَّضْرِ بْنِ مُسَاوِرٍ ، حَدَّثَنَا
حَمَّادُ ، عَنْ
مَرْوَانَ أَبِي لُبَابَةَ ، عَنْ
عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=822771كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ : مَا يُرِيدُ أَنْ يُفْطِرَ . وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ : مَا يُرِيدُ أَنْ يَصُومَ . وَكَانَ يَقْرَأُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَالزُّمَرَ .
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
(
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=1تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ( 1 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ( 2 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ( 3 )
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ( 4 ) ) .
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ تَنْزِيلَ هَذَا الْكِتَابِ - وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ - مِنْ عِنْدِهِ ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى ، فَهُوَ الْحَقُّ الَّذِي لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَلَا شَكَّ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : (
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=192وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ . نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ . عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ . بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) [ الشُّعَرَاءِ : 192 - 195 ] .
وَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=41وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) [ فُصِّلَتْ : 42 ، 41 ] . وَقَالَ هَاهُنَا : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=1تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ ) أَيِ : الْمَنِيعِ الْجَنَابِ ، ( الْحَكِيمِ ) أَيْ : فِي أَقْوَالِهِ وَأَفْعَالِهِ ، وَشَرْعِهِ ، وَقَدَرِهِ .
(
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=2إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ ) أَيْ : فَاعْبُدِ اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَادْعُ الْخَلْقَ إِلَى ذَلِكَ ، وَأَعْلِمْهُمْ أَنَّهُ لَا تَصْلُحُ الْعِبَادَةُ إِلَّا لَهُ [ وَحْدَهُ ] ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ شَرِيكٌ وَلَا عَدِيلٌ وَلَا نَدِيدٌ ; وَلِهَذَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) أَيْ :
nindex.php?page=treesubj&link=28276لَا يُقْبَلُ مِنَ الْعَمَلِ إِلَّا مَا أَخْلَصَ فِيهِ الْعَامِلُ لِلَّهِ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ .
وَقَالَ
قَتَادَةُ فِي قَوْلِهِ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ) شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ . ثُمَّ أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ مِنَ الْمُشْرِكِينَ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) أَيْ : إِنَّمَا يَحْمِلُهُمْ عَلَى عِبَادَتِهِمْ لَهُمْ أَنَّهُمْ عَمَدُوا إِلَى أَصْنَامٍ اتَّخَذُوهَا عَلَى صُوَرِ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ فِي زَعْمِهِمْ ، فَعَبَدُوا تِلْكَ الصُّوَرَ تَنْزِيلًا لِذَلِكَ مَنْزِلَةَ عِبَادَتِهِمُ الْمَلَائِكَةَ ; لِيَشْفَعُوا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ فِي
[ ص: 85 ] نَصْرِهِمْ وَرِزْقِهِمْ ، وَمَا يَنُوبُهُمْ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا ، فَأَمَّا الْمَعَادُ فَكَانُوا جَاحِدِينَ لَهُ كَافِرِينَ بِهِ .
قَالَ
قَتَادَةُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468وَالسُّدِّيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867وَمَالِكٌ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15944زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ،
وَابْنِ زَيْدٍ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) أَيْ : لِيَشْفَعُوا لَنَا ، وَيُقَرِّبُونَا عِنْدَهُ مَنْزِلَةً .
وَلِهَذَا كَانُوا يَقُولُونَ فِي تَلْبِيَتِهِمْ إِذَا حَجُّوا فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=822772لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ، إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ " . وَهَذِهِ الشُّبْهَةُ هِيَ الَّتِي اعْتَمَدَهَا الْمُشْرِكُونَ فِي قَدِيمِ الدَّهْرِ وَحَدِيثِهِ ، وَجَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ ، بِرَدِّهَا وَالنَّهْيِ عَنْهَا ، وَالدَّعْوَةِ إِلَى إِفْرَادِ الْعِبَادَةِ لِلَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَّ هَذَا شَيْءٌ اخْتَرَعَهُ الْمُشْرِكُونَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ، لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ فِيهِ وَلَا رَضِيَ بِهِ ، بَلْ أَبْغَضَهُ وَنَهَى عَنْهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=36وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ) [ النَّحْلِ : 36 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=25وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 25 ] .
وَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ الَّتِي فِي السَّمَاوَاتِ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَغَيْرِهِمْ ، كُلَّهُمْ عَبِيدٌ خَاضِعُونَ لِلَّهِ ، لَا يَشْفَعُونَ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ لِمَنِ ارْتَضَى ، وَلَيْسُوا عِنْدَهُ كَالْأُمَرَاءِ عِنْدَ مُلُوكِهِمْ ، يُشَفَّعُونَ عِنْدَهُمْ بِغَيْرِ إِذْنِهِمْ فِيمَا أَحَبَّهُ الْمُلُوكُ وَأَبَوْهُ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=74فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ) [ النَّحْلِ : 74 ] ، تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ ) أَيْ : يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ) أَيْ : سَيَفْصِلُ بَيْنَ الْخَلَائِقِ يَوْمَ مَعَادِهِمْ ، وَيَجْزِي كُلَّ عَامِلٍ بِعَمَلِهِ ، (
nindex.php?page=tafseer&surano=34&ayano=40وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ ) [ سَبَأٍ : 41 ، 40 ] .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=3إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ ) أَيْ : لَا يُرْشِدُ إِلَى الْهِدَايَةِ مَنْ قَصْدُهُ الْكَذِبُ وَالِافْتِرَاءُ عَلَى اللَّهِ ، وَقَلْبُهُ كَفَّارٌ يَجْحَدُ بِآيَاتِهِ [ وَحُجَجِهِ ] وَبَرَاهِينِهِ .
ثُمَّ بَيَّنَ تَعَالَى أَنَّهُ لَا وَلَدَ لَهُ كَمَا يَزْعُمُهُ جَهَلَةُ الْمُشْرِكِينَ فِي الْمَلَائِكَةِ ، وَالْمُعَانِدُونَ مَنَ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي
الْعُزَيْرِ ،
وَعِيسَى فَقَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4لَوْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا لَاصْطَفَى مِمَّا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ) أَيْ : لَكَانَ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا يَزْعُمُونَ . وَهَذَا شَرْطٌ لَا يَلْزَمُ وُقُوعُهُ وَلَا جَوَازُهُ ، بَلْ هُوَ مُحَالٌ ، وَإِنَّمَا قَصَدَ تَجْهِيلَهُمْ فِيمَا ادَّعَوْهُ وَزَعَمُوهُ ، كَمَا قَالَ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=17لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْوًا لَاتَّخَذْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ ) [ الْأَنْبِيَاءِ : 17 ] (
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=81قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ) [ الزُّخْرُفِ : 81 ] ، كُلُّ هَذَا مِنْ بَابِ الشَّرْطِ ، وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الشَّرْطِ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ لِقَصْدِ الْمُتَكَلِّمِ .
وَقَوْلُهُ : (
nindex.php?page=tafseer&surano=39&ayano=4nindex.php?page=treesubj&link=29010_29705سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ) أَيْ : تَعَالَى وَتَنَزَّهَ وَتَقَدَّسَ عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ ، فَإِنَّهُ الْوَاحِدُ الْأَحَدُ ، الْفَرْدُ الصَّمَدُ ، الَّذِي كَلُّ شَيْءٍ عَبْدٌ لَدَيْهِ ، فَقِيرٌ إِلَيْهِ ، وَهُوَ الْغَنِيُّ عَمَّا سِوَاهُ الَّذِي قَدْ قَهَرَ الْأَشْيَاءَ فَدَانَتْ لَهُ وَذَلَّتْ وَخَضَعَتْ .