( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ( 103 ) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ( 104 ) أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه فحبطت أعمالهم فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ( 105 ) ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا واتخذوا آياتي ورسلي هزوا ( 106 ) ) .
قال : حدثنا البخاري ، حدثنا محمد بن بشار محمد بن جعفر ، حدثنا شعبة ، عن عمرو ، عن مصعب قال : سألت أبي - يعني - : ( سعد بن أبي وقاص قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ) أهم الحرورية ؟ قال : لا هم اليهود والنصارى ، أما اليهود فكذبوا محمدا صلى الله عليه وسلم ، وأما النصارى كفروا بالجنة ، وقالوا : لا طعام فيها ولا شراب . والحرورية الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه . وكان سعد رضي الله عنه ، يسميهم الفاسقين .
[ ص: 202 ]
وقال علي بن أبي طالب والضحاك ، وغير واحد : هم الحرورية .
ومعنى هذا عن علي ، رضي الله عنه : أن هذه الآية الكريمة تشمل الحرورية كما تشمل اليهود والنصارى وغيرهم ، لا أنها نزلت في هؤلاء على الخصوص ولا هؤلاء بل هي أعم من هذا; فإن هذه الآية مكية قبل خطاب اليهود والنصارى وقبل وجود الخوارج بالكلية ، وإنما هي عامة في كل من عبد الله على غير طريقة مرضية يحسب أنه مصيب فيها ، وأن عمله مقبول ، وهو مخطئ ، وعمله مردود ، كما قال تعالى : ( وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبة تصلى نارا حامية ) الغاشية : 2 - 4 وقوله تعالى : ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) [ الفرقان : 23 ] وقال تعالى : ( والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ) [ النور : 39 ] .
وقال في هذه الآية الكريمة : ( قل هل ننبئكم ) أي : نخبركم ( بالأخسرين أعمالا ) ؟ ثم فسرهم فقال : ( الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا ) أي : عملوا أعمالا باطلة على غير شريعة مشروعة مرضية مقبولة ، ( وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ) أي " يعتقدون أنهم على شيء ، وأنهم مقبولون محبوبون .
وقوله : ( أولئك الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه ) أي : جحدوا آيات الله في الدنيا ، وبراهينه التي أقام على وحدانيته ، وصدق رسله ، وكذبوا بالدار الآخرة ، ( فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) أي : لا نثقل موازينهم; لأنها خالية عن الخير .
قال : حدثنا البخاري محمد بن عبد الله ، حدثنا ، أخبرنا سعيد بن أبي مريم المغيرة ، حدثني أبو الزناد ، عن عن الأعرج ، ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : أبي هريرة فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) . " إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة ، لا يزن عند الله جناح بعوضة " وقال : " اقرءوا إن شئتم : (
وعن يحيى بن بكير ، عن ، عن مغيرة بن عبد الرحمن ، مثله . أبي الزناد
هكذا ذكره عن يحيى بن بكير معلقا . وقد رواه مسلم عن أبي بكر محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن بكير ، به .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد صالح مولى التوأمة ، عن - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أبي هريرة فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) " يؤتى بالرجل الأكول الشروب العظيم ، فيوزن بحبة فلا يزنها " . قال : وقرأ : (
وكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن أبي الصلت ، عن ، عن أبي الزناد صالح مولى [ ص: 203 ] التوأمة ، عن - رضي الله عنه - مرفوعا فذكره بلفظ أبي هريرة سواء . البخاري
وقال أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار : حدثنا العباس بن محمد ، حدثنا عون بن عمارة حدثنا ، عن هشام بن حسان واصل ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : قريش يخطر في حلة له . فلما قام على النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا بريدة ، هذا ممن لا يقيم الله له يوم القيامة وزنا " . كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل رجل من
ثم قال : تفرد به واصل مولى أبي عنبسة وعون بن عمارة وليس بالحافظ ، ولم يتابع عليه . وقد قال ابن جرير أيضا : حدثنا ، حدثنا محمد بن بشار عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن شمر عن أبي يحيى ، عن كعب قال : يؤتى يوم القيامة برجل عظيم طويل ، فلا يزن عند الله جناح بعوضة ، اقرءوا : ( فلا نقيم لهم يوم القيامة وزنا ) .
وقوله : ( ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا ) أي : إنما جازيناهم بهذا الجزاء جهنم ، بسبب كفرهم واتخاذهم آيات الله ورسله هزوا ، استهزءوا بهم ، وكذبوهم أشد التكذيب .