مسألة : اختلف العلماء في من سائر البقول ، فذهب جمهور العلماء إلى إباحة ذلك ، للأحاديث الثابتة في ذلك وذهبت طائفة من أكل البصل والثوم وما له رائحة كريهة أهل الظاهر القائلين بوجوب فرضا إلى المنع ، وقالوا : كل ما منع من إتيان الفرض والقيام به فحرام عمله والتشاغل به . واحتجوا بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماها خبيثة ، والله عز وجل قد وصف نبيه عليه السلام بأنه يحرم الخبائث . ومن الحجة للجمهور ما ثبت عن الصلاة في الجماعة جابر ببدر فيه خضرات من بقول فوجد لها ريحا ، قال : فأخبر بما فيها من البقول ، فقال ( قربوها ) إلى بعض أصحابه كان معه ، فلما رآه كره أكلها ، قال : كل فإني أناجي من لا تناجي . أخرجه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي مسلم وأبو داود . فهذا بين في الخصوص له والإباحة لغيره . وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي أيوب أبي أيوب ، فصنع للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما فيه [ ص: 399 ] ثوم ، فلما رد إليه سأل عن موضع أصابع النبي صلى الله عليه وسلم ، فقيل له : لم يأكل ففزع وصعد إليه فقال : أحرام هو ؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ولكني أكرهه ) . قال فإني أكره ما تكره أو ما كرهت ، قال : وكان النبي صلى الله عليه وسلم يؤتى ( يعني يأتيه الوحي ) فهذا نص على عدم التحريم . وكذلك ما رواه أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل على أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم حين أكلوا الثوم زمن خيبر وفتحها : فهذه الأحاديث تشعر بأن الحكم خاص به ، إذ هو المخصوص بمناجاة الملك . لكن قد علمنا هذا الحكم في حديث أيها الناس ، إنه ليس لي تحريم ما أحل الله ولكنها شجرة أكره ريحها جابر بما يقتضي التسوية بينه وبين غيره في هذا الحكم حيث قال : وقال من أكل من هذه البقلة الثوم ، وقال مرة من أكل البصل والثوم والكراث فلا يقربن مسجدنا ؛ فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم عمر بن الخطاب رضي الله عنه في حديث فيه طول : البقيع ، فمن أكلهما فليمتهما طبخا . خرجه إنكم أيها الناس تأكلون شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين ، هذا البصل والثوم . ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما من الرجل في المسجد أمر به فأخرج إلى مسلم .