[ ص: 176 ] قال قوله تعالى : سعيد بن جبير : كانت طيرا من السماء لم ير قبلها ، ولا بعدها مثلها . وروى جويبر عن الضحاك عن ابن عباس ، قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : [ إنها طير بين السماء والأرض تعشش وتفرخ ] . وعن ابن عباس : كانت لها خراطيم كخراطيم الطير ، وأكف كأكف الكلاب وقال عكرمة : كانت طيرا خضرا ، خرجت من البحر ، لها رءوس كرءوس السباع . ولم تر قبل ذلك ولا بعده . وقالت عائشة - رضي الله عنها - : هي أشبه شيء بالخطاطيف . وقيل : بل كانت أشباه الوطاويط ، حمراء وسوداء . وعن سعيد بن جبير أيضا : هي طير خضر لها مناقير صفر . وقيل : كانت بيضا . وقال محمد بن كعب : هي طير سود بحرية ، في مناقيرها وأظفارها الحجارة . وقيل : إنها العنقاء المغرب التي تضرب بها الأمثال ; قال عكرمة : أبابيل أي مجتمعة . وقيل : متتابعة ، بعضها في إثر بعض ; قاله ابن عباس ومجاهد . وقيل مختلفة متفرقة ، تجيء من كل ناحية من هاهنا وهاهنا ; قاله ابن مسعود وابن زيد . قال والأخفش النحاس : وهذه الأقوال متفقة ، وحقيقة المعنى : أنها جماعات عظام . يقال : فلان يؤبل على فلان ; أي يعظم عليه ويكثر ; وهو مشتق من الإبل . واختلف في واحد ( أبابيل ) ; فقال الجوهري : قال الأخفش يقال : جاءت إبلك أبابيل ; أي فرقا ، وطيرا أبابيل . قال : وهذا يجيء في معنى التكثير ، وهو من الجمع الذي لا واحد له . وقال بعضهم : واحده إبول مثل عجول . وقال بعضهم - وهو المبرد - : إبيل مثل سكين . قال : ولم أجد العرب تعرف له واحدا في غير الصحاح . وقيل في واحده إبال . وقال في الجمع : رؤبة بن العجاج
ولعبت طير بهم أبابيل فصيروا مثل كعصف مأكول
وقال الأعشى :طريق وجبار رواء أصوله عليه أبابيل من الطير تنعب
كادت تهد من الأصوات راحلتي إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل
تراهم إلى الداعي سراعا كأنهم أبابيل طير تحت دجن مسخن