إن شجرة الزقوم طعام الأثيم كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم . قوله تعالى :
قوله تعالى : إن شجرة الزقوم كل ما في كتاب الله تعالى من ذكر الشجرة فالوقف عليه بالهاء ، إلا حرفا واحدا في سورة الدخان إن شجرة الزقوم طعام الأثيم ، قاله ابن الأنباري . والأثيم الفاجر ، قاله أبو الدرداء . وكذلك قرأ هو . وقال وابن مسعود همام بن الحارث : كان أبو الدرداء يقرئ رجلا إن شجرة الزقوم طعام الأثيم والرجل يقول : طعام اليتيم ، فلما لم يفهم قال له : ( طعام الفاجر ) قال أبو بكر الأنباري : حدثني أبي قال حدثنا نصر قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا نعيم بن حماد عن عن عبد العزيز بن محمد ابن عجلان عن قال : علم عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود رجلا عبد الله بن مسعود إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فقال الرجل : طعام اليتيم ، فأعاد عليه عبد الله الصواب وأعاد الرجل الخطأ ، فلما رأى عبد الله أن لسان الرجل لا يستقيم على الصواب قال له : أما تحسن أن تقول [ ص: 139 ] طعام الفاجر ؟ قال بلى ، قال فافعل . ولا حجة في هذا للجهال من أهل الزيغ ، أنه يجوز إبدال الحرف من القرآن بغيره ، لأن ذلك إنما كان من عبد الله تقريبا للمتعلم ، وتوطئة منه له للرجوع إلى الصواب ، واستعمال الحق والتكلم بالحرف على إنزال الله وحكاية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . وقال : " وبهذا يستدل على أن إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذا كانت مؤدية معناها . ومنه أجاز الزمخشري أبو حنيفة القراءة بالفارسية على شريطة ، وهي أن يؤدي القارئ المعاني على كمالها من غير أن يخرم منها شيئا . قالوا : وهذه الشريطة تشهد أنها إجازة كلا إجازة ; لأن في كلام العرب خصوصا في القرآن الذي هو معجز بفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه ، من لطائف المعاني والأغراض ما لا يستقل بأدائه لسان من فارسية وغيرها ، وما كان أبو حنيفة رحمه الله يحسن الفارسية ، فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر . وروى علي بن الجعد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة مثل قول صاحبيه في إنكار القراءة بالفارسية " وشجرة الزقوم : ، فإذا جاع أهل النار التجئوا إليها فأكلوا منها ، فغليت في بطونهم كما يغلي الماء الحار . وشبه ما يصير منها إلى بطونهم بالمهل ، وهو النحاس المذاب . وقراءة العامة تغلي بالتاء حملا على الشجرة . وقرأ الشجرة التي خلقها الله في جهنم وسماها الشجرة الملعونة ابن كثير وحفص وابن محيصن ورويس عن يعقوب ( يغلي ) بالياء حملا على الطعام ، وهو في معنى الشجرة . ولا يحمل على المهل لأنه ذكر للتشبيه .
( والأثيم ) الآثم ، من أثم يأثم إثما ، قال القشيري وابن عيسى . وقيل : هو المشرك المكتسب للإثم ، قاله يحيى بن سلام . وفي الصحاح : قد أثم الرجل ( بالكسر ) إثما ومأثما إذا وقع في الإثم ، فهو آثم وأثيم وأثوم أيضا . فمعنى ( طعام الأثيم ) أي : ذي الإثم الفاجر ، وهو أبو جهل . وذلك أنه قال : يعدنا محمد أن في جهنم الزقوم ، وإنما هو الثريد بالزبد والتمر ، فبين الله خلاف ما قاله . وحكى النقاش عن مجاهد أن شجرة الزقوم أبو جهل .
قلت : وهذا لا يصح عن مجاهد . وهو مردود بما ذكرناه في هذه الشجرة في سورة ( الصافات وسبحان ) أيضا