قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار مهطعين مقنعي رءوسهم لا يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء nindex.php?page=treesubj&link=28985قوله تعالى : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون وهذا تسلية للنبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أعجبه من أفعال المشركين ومخالفتهم دين
إبراهيم ; أي اصبر كما صبر
إبراهيم ، وأعلم المشركين أن تأخير العذاب ليس للرضا بأفعالهم ، بل
nindex.php?page=treesubj&link=29703_29702_30550سنة الله إمهال العصاة مدة . قال
nindex.php?page=showalam&ids=17188ميمون بن مهران : هذا وعيد للظالم ، وتعزية للمظلوم .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42إنما يؤخرهم يعني مشركي
مكة يمهلهم ويؤخر عذابهم . وقراءة العامة " يؤخرهم " بالياء واختاره
أبو عبيد وأبو حاتم لقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42ولا تحسبن الله . وقرأ
الحسن والسلمي وروي عن
أبي عمرو أيضا " نؤخرهم " بالنون للتعظيم .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42ليوم تشخص فيه الأبصار أي لا تغمض من هول ما تراه في ذلك اليوم ، قاله
الفراء . يقال : شخص الرجل بصره وشخص البصر نفسه أي سما وطمح من هول ما يرى . قال
ابن عباس : تشخص أبصار الخلائق يومئذ إلى الهواء لشدة الحيرة فلا يرمضون .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43مهطعين أي مسرعين ; قاله
الحسن وقتادة nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ; مأخوذ من أهطع يهطع إذا أسرع ومنه قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=8مهطعين إلى الداعي أي مسرعين . قال الشاعر :
بدجلة دارهم ولقد أراهم بدجلة مهطعين إلى السماع
وقيل : المهطع الذي ينظر في ذل وخشوع ; أي ناظرين من غير أن يطرفوا ; قاله
ابن عباس ، وقال
مجاهد والضحاك : مهطعين أي مديمي النظر . وقال
النحاس : والمعروف في اللغة أن يقال : أهطع إذا أسرع ; قال
أبو عبيد : وقد يكون الوجهان جميعا يعني الإسراع مع إدامة النظر . وقال
ابن زيد : المهطع الذي لا يرفع رأسه .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43مقنعي رءوسهم أي رافعي رءوسهم ينظرون في ذل . وإقناع الرأس رفعه ; قاله
ابن عباس ومجاهد . قال
ابن عرفة والقتبي [ ص: 331 ] وغيرهما : المقنع الذي يرفع رأسه ويقبل ببصره على ما بين يديه ; ومنه الإقناع في الصلاة وأقنع صوته إذا رفعه . وقال
الحسن :
nindex.php?page=treesubj&link=28766وجوه الناس يومئذ إلى السماء لا ينظر أحد إلى أحد . وقيل : ناكسي رءوسهم ; قال
المهدوي : ويقال أقنع إذا رفع رأسه ، وأقنع إذا طأطأ رأسه ذلة وخضوعا ، والآية محتملة الوجهين ، وقاله
المبرد ، والقول الأول أعرف في اللغة ; قال الراجز :
أنغض نحوي رأسه وأقنعا كأنما أبصر شيئا أطمعا
وقال
الشماخ يصف إبلا :
يباكرن العضاه بمقنعات نواجذهن كالحدأ الوقيع
يعني : برءوس مرفوعات إليها لتتناولهن . ومنه قيل : مقنعة لارتفاعها . ومنه قنع الرجل إذا رضي ; أي رفع رأسه عن السؤال . وقنع إذا سأل أي أتى ما يتقنع منه ; عن
النحاس . وفم مقنع أي معطوفة أسنانه إلى داخل . ورجل مقنع بالتشديد ; أي عليه بيضة قاله
الجوهري .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43لا يرتد إليهم طرفهم أي لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر فهي شاخصة النظر . يقال : طرف الرجل يطرف طرفا إذا أطبق جفنه على الآخر ، فسمي النظر طرفا لأنه به يكون . والطرف العين . قال
عنترة :
وأغض طرفي ما بدت جارتي حتى يواري جارتي مأواها
وقال
جميل :
وأقصر طرفي دون جمل كرامة لجمل وللطرف الذي أنا قاصره
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43وأفئدتهم هواء أي لا تغني شيئا من شدة الخوف .
ابن عباس : خالية من كل خير .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : خرجت قلوبهم من صدورهم فنشبت في حلوقهم ; وقال
مجاهد ومرة وابن زيد : خاوية خربة متخرقة ليس فيها خير ولا عقل ; كقولك في البيت الذي ليس فيه شيء : إنما هو هواء ; وقاله
ابن عباس : والهواء في اللغة المجوف الخالي ; ومنه قول
حسان :
ألا أبلغ أبا سفيان عني فأنت مجوف نخب هواء
وقال
زهير يصف ناقة صغيرة الرأس :
كأن الرجل منها فوق صعل من الظلمان جؤجؤه هواء
[ ص: 332 ] فارغ أي خال ; وفي التنزيل :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=10وأصبح فؤاد أم موسى فارغا أي من كل شيء إلا من هم
موسى . وقيل : في الكلام إضمار ; أي ذات هواء وخلاء .
قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ nindex.php?page=treesubj&link=28985قَوْلُهُ تَعَالَى : nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ وَهَذَا تَسْلِيَةٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ أَنْ أَعْجَبَهُ مِنْ أَفْعَالِ الْمُشْرِكِينَ وَمُخَالَفَتِهِمْ دِينَ
إِبْرَاهِيمَ ; أَيِ اصْبِرْ كَمَا صَبَرَ
إِبْرَاهِيمُ ، وَأَعْلِمِ الْمُشْرِكِينَ أَنَّ تَأْخِيرَ الْعَذَابِ لَيْسَ لِلرِّضَا بِأَفْعَالِهِمْ ، بَلْ
nindex.php?page=treesubj&link=29703_29702_30550سُنَّةُ اللَّهِ إِمْهَالُ الْعُصَاةِ مُدَّةً . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=17188مَيْمُونُ بْنُ مِهْرَانَ : هَذَا وَعِيدٌ لِلظَّالِمِ ، وَتَعْزِيَةٌ لِلْمَظْلُومِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ يَعْنِي مُشْرِكِي
مَكَّةَ يُمْهِلُهُمْ وَيُؤَخِّرُ عَذَابَهُمْ . وَقِرَاءَةُ الْعَامَّةِ " يُؤَخِّرُهُمْ " بِالْيَاءِ وَاخْتَارَهُ
أَبُو عُبَيْدٍ وَأَبُو حَاتِمٍ لِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ . وَقَرَأَ
الْحَسَنُ وَالسُّلَمِيُّ وَرُوِيَ عَنْ
أَبِي عَمْرٍو أَيْضًا " نُؤَخِّرُهُمْ " بِالنُّونِ لِلتَّعْظِيمِ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=42لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ أَيْ لَا تُغْمَضُ مِنْ هَوْلِ مَا تَرَاهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ، قَالَهُ
الْفَرَّاءُ . يُقَالُ : شَخَصَ الرَّجُلُ بَصَرَهُ وَشَخَصَ الْبَصَرُ نَفْسُهُ أَيْ سَمَا وَطَمَحَ مِنْ هَوْلِ مَا يَرَى . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ : تَشْخَصُ أَبْصَارُ الْخَلَائِقِ يَوْمئِذٍ إِلَى الْهَوَاءِ لِشِدَّةِ الْحِيرَةِ فَلَا يَرْمَضُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43مُهْطِعِينَ أَيْ مُسْرِعِينَ ; قَالَهُ
الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ; مَأْخُوذٌ مِنْ أَهْطَعَ يُهْطِعُ إِذَا أَسْرَعَ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=8مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِي أَيْ مُسْرِعِينَ . قَالَ الشَّاعِرُ :
بِدِجْلَةَ دَارُهُمْ وَلَقَدْ أَرَاهُمْ بِدِجْلَةَ مُهْطِعِينَ إِلَى السَّمَاعِ
وَقِيلَ : الْمُهْطِعُ الَّذِي يَنْظُرُ فِي ذُلٍّ وَخُشُوعٍ ; أَيْ نَاظِرِينَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَطْرِفُوا ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ : مُهْطِعِينَ أَيْ مُدِيمِي النَّظَرِ . وَقَالَ
النَّحَّاسُ : وَالْمَعْرُوفُ فِي اللُّغَةِ أَنْ يُقَالَ : أَهْطَعَ إِذَا أَسْرَعَ ; قَالَ
أَبُو عُبَيْدٍ : وَقَدْ يَكُونُ الْوَجْهَانِ جَمِيعًا يَعْنِي الْإِسْرَاعَ مَعَ إِدَامَةِ النَّظَرِ . وَقَالَ
ابْنُ زَيْدٍ : الْمُهْطِعُ الَّذِي لَا يَرْفَعُ رَأْسَهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ أَيْ رَافِعِي رُءُوسِهِمْ يَنْظُرُونَ فِي ذُلٍّ . وَإِقْنَاعُ الرَّأْسِ رَفْعُهُ ; قَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ . قَالَ
ابْنُ عَرَفَةَ وَالْقُتَبِيُّ [ ص: 331 ] وَغَيْرُهُمَا : الْمُقْنِعُ الَّذِي يَرْفَعُ رَأْسَهُ وَيُقْبِلُ بِبَصَرِهِ عَلَى مَا بَيْنَ يَدَيْهِ ; وَمِنْهُ الْإِقْنَاعُ فِي الصَّلَاةِ وَأَقْنَعَ صَوْتَهُ إِذَا رَفَعَهُ . وَقَالَ
الْحَسَنُ :
nindex.php?page=treesubj&link=28766وُجُوهُ النَّاسِ يَوْمئِذٍ إِلَى السَّمَاءِ لَا يَنْظُرُ أَحَدٌ إِلَى أَحَدٍ . وَقِيلَ : نَاكِسِي رُءُوسِهِمْ ; قَالَ
الْمَهْدَوِيُّ : وَيُقَالُ أَقْنَعَ إِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ ، وَأَقْنَعَ إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ ذِلَّةً وَخُضُوعًا ، وَالْآيَةُ مُحْتَمِلَةٌ الْوَجْهَيْنِ ، وَقَالَهُ
الْمُبَرِّدُ ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَعْرَفُ فِي اللُّغَةِ ; قَالَ الرَّاجِزُ :
أَنْغَضَ نَحْوِي رَأْسَهُ وَأَقْنَعَا كَأَنَّمَا أَبْصَرَ شَيْئًا أَطْمَعَا
وَقَالَ
الشَّمَّاخُ يَصِفُ إِبِلًا :
يُبَاكِرْنَ الْعِضَاهَ بِمُقْنَعَاتٍ نَوَاجِذُهُنَّ كَالْحَدَأِ الْوَقِيعِ
يَعْنِي : بِرُءُوسٍ مَرْفُوعَاتٍ إِلَيْهَا لِتَتَنَاوَلَهُنَّ . وَمِنْهُ قِيلَ : مُقَنَّعَةٌ لِارْتِفَاعِهَا . وَمِنْهُ قَنَعَ الرَّجُلُ إِذَا رَضِيَ ; أَيْ رَفَعَ رَأْسَهُ عَنِ السُّؤَالِ . وَقَنَعَ إِذَا سَأَلَ أَيْ أَتَى مَا يَتَقَنَّعُ مِنْهُ ; عَنِ
النَّحَّاسِ . وَفَمٌ مُقْنَعٌ أَيْ مَعْطُوفَةٌ أَسْنَانُهُ إِلَى دَاخِلٍ . وَرَجُلٌ مُقَنَّعٌ بِالتَّشْدِيدِ ; أَيْ عَلَيْهِ بَيْضَةٌ قَالَهُ
الْجَوْهَرِيُّ .
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ أَيْ لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِمْ أَبْصَارُهُمْ مِنْ شِدَّةِ النَّظَرِ فَهِيَ شَاخِصَةُ النَّظَرِ . يُقَالُ : طَرَفَ الرَّجُلِ يَطْرِفُ طَرْفًا إِذَا أَطْبَقَ جَفْنَهُ عَلَى الْآخَرِ ، فَسُمِّيَ النَّظَرُ طَرْفًا لِأَنَّهُ بِهِ يَكُونُ . وَالطَّرْفُ الْعَيْنُ . قَالَ
عَنْتَرَةُ :
وَأَغُضُّ طَرْفِي مَا بَدَتْ جَارَتِي حَتَّى يُوَارِيَ جَارَتِي مَأْوَاهَا
وَقَالَ
جَمِيلٌ :
وَأَقْصِرُ طَرْفِي دُونَ جُمْلٍ كَرَامَةً لِجُمْلٍ وَلِلطَّرْفِ الَّذِي أَنَا قَاصِرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=43وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ أَيْ لَا تُغْنِي شَيْئًا مِنْ شِدَّةِ الْخَوْفِ .
ابْنُ عَبَّاسٍ : خَالِيَةٌ مِنْ كُلِّ خَيْرٍ .
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : خَرَجَتْ قُلُوبُهُمْ مِنْ صُدُورِهِمْ فَنَشِبَتْ فِي حُلُوقِهِمْ ; وَقَالَ
مُجَاهِدٌ وَمُرَّةُ وَابْنُ زَيْدٍ : خَاوِيَةٌ خَرِبَةٌ مُتَخَرِّقَةٌ لَيْسَ فِيهَا خَيْرٌ وَلَا عَقْلٌ ; كَقَوْلِكَ فِي الْبَيْتِ الَّذِي لَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ : إِنَّمَا هُوَ هَوَاءٌ ; وَقَالَهُ
ابْنُ عَبَّاسٍ : وَالْهَوَاءُ فِي اللُّغَةِ الْمُجَوَّفُ الْخَالِي ; وَمِنْهُ قَوْلُ
حَسَّانَ :
أَلَا أَبْلِغْ أَبَا سُفْيَانَ عَنِّي فَأَنْتَ مُجَوِّفٌ نَخِبٌ هَوَاءُ
وَقَالَ
زُهَيْرٌ يَصِفُ نَاقَةً صَغِيرَةَ الرَّأْسِ :
كَأَنَّ الرَّجُلَ مِنْهَا فَوْقَ صَعْلٍ مِنَ الظَّلْمَانِ جُؤْجُؤُهُ هَوَاءُ
[ ص: 332 ] فَارِغٌ أَيْ خَالٍ ; وَفِي التَّنْزِيلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=10وَأَصْبَحَ فُؤَادُ أُمِّ مُوسَى فَارِغًا أَيْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا مِنْ هَمِّ
مُوسَى . وَقِيلَ : فِي الْكَلَامِ إِضْمَارٌ ; أَيْ ذَاتُ هَوَاءٍ وَخَلَاءٍ .