[ ص: 391 ] سورة الماعون [ فيها ثلاث آيات ] الآية الأولى قوله تعالى : { الذين هم عن صلاتهم ساهون } : فيها ثلاث مسائل :
المسألة الأولى قد بينا أن النسيان هو الترك ، وقد يكون بقصد ، وقد يكون بغير قصد ; فإن كان بقصد فاسمه العمد ، وإن كان بغير قصد فاسمه السهو ، ولا يتعلق به تكليف وهي :
المسألة الثانية فإن محال ; لأن من لا يعقل الخطاب كيف يخاطب ؟ فإن قال : فكيف ذم من لا يعقل الذم ; أو كلف من لا يصح منه التكليف ؟ قلنا : إنما ذلك على وجهين : أحدهما أن يعقد نيته على تركها ، فيتعلق به الذم إذا جاء الوقت . وإن كان حينئذ غافلا أو لمن يكون الترك لها عادته ، فهذا يتعلق به الذم دائما ، ولا يدخل فيه من يسهو في صلاته وهي : تكليف الساهي
المسألة الثالثة لأن السلامة عن السهو محال فلا تكليف . وقد سها النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته والصحابة ، وكل من لا يسهو في صلاته فذلك رجل لا يتدبرها ولا يعقل قراءتها ، وإنما همه في إعدادها وهذا رجل يأكل القشور ويرمي اللب ، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسهو في صلاته إلا لفكرته في أعظم منها ، اللهم إلا أنه قد يسهو في صلاته من يقبل على وسواس الشيطان إذا قال له : اذكر كذا [ لما لم يكن يذكره ] حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى .