الآية الثالثة قوله تعالى : { وفي أموالهم حق للسائل والمحروم } .
فيها ثلاث مسائل : المسألة الأولى { وفي أموالهم حق } ، وقد بينا في غير موضع هل في المال حق سوى الزكاة أم لا بما يغني عن إعادته هاهنا .
والأقوى في هذه الآية أنه الزكاة ; لقوله تعالى في سورة : سأل سائل : { والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم } والحق المعلوم هو الزكاة التي بين الشرع قدرها وجنسها ووقتها ، فأما غيرها لمن يقول به فليس بمعلوم ; لأنه غير مقدر ولا مجنس ولا مؤقت . المسألة الثانية قوله : { للسائل } ، وهو المتكفف . المسألة الثالثة قوله : { والمحروم } ، وهو المتعفف ; فبين أن للسائل حق المسألة وللمحروم حق الحاجة .
وقد روى عن ابن وهب أنه قال الذي يحرم الرزق . وقيل : الذي أصابته جائحة قال تعالى مخبرا عن أصحاب الجنة المحترقة : { مالك قالوا إنا لضالون بل نحن محرومون }
وفيه أقوال كثيرة ليس لها أصل لم نطول بذكرها ; لأن هذا أصحها ; إذ يقتضي هذا التقسيم أن المحتاج إذا كان منه من يسأل فالقسم الثاني هو الذي لا يسأل ، ويتنوع أحوال المتعفف ، والاسم يعمه كله ، فإذا رأيته فسمه به ، واحكم عليه بحكمه . والله أعلم .