وأما . الحد بمعنى القول ، فله أسماء تميزه عن غيره ، وله حدود بخواصه التي تميزه عن [غيره] ، كقولنا : رب العالمين ، وخالق السماوات والأرض ، والأول الآخر ، والظاهر الباطن
وأما . الحد المركب من الجنس والفصل فلا يجوز في حق الله تعالى
فأما حد عينه الذاتية فيراد به : حد بذاته ، وحد بصفاته ، وحد بمقداره .
فأما الأول فهو بمعنى انفصاله عن غيره وتميزه عنه ، بحيث لا يختلط به . وهذا داخل فيما قصده وغيره ، ابن المبارك للجهمية الذين يجعلونه مختلطا بالمخلوقات . ولهذا قال : بائن من خلقه بحد ؛ فإن الحد هو الفصل والتمييز بينه وبين غيره . والحد بهذا المعنى متفق [ ص: 73 ] عليه بين أهل السنة القائلين بأن الله فوق العرش ، بل وعند الذين يقولون : لا داخل العالم ولا خارجه أيضا ؛ فإن الأعراض المختلفة كالطعم واللون والريح إذا قامت بجسم واحد كانت متميزة بخصائصها وحدودها ، وليست متميزة بأعيانها وذواتها . خلافا
وأما الثاني فهو بمعنى صفاته القائمة به المميزة له عن غيره ، كما يقال في حلية الموصوف ونعوته ، فله حد بهذا الاعتبار .
وأما الحد بمعنى المقدار والنهاية فهذا مورد النزاع ، فقيل : لا حد له ولا غاية ولا مقدار . وقيل : له حد من جانب العرش فقط . وقيل : له حد ونهاية لا يعلمها غيره ؛ إذ لا يعقل موجود بدون ذلك . وقد يقال : إن وغيره قصدوه ؛ إذ لو لم يريدوا ذلك لم يكن حاجة إلى قولهم : على عرشه ، بل يكفي أن يقال : هو منفصل عن خلقه متميز عنهم . [ ص: 74 ] ابن المبارك