ومن تدبر كلام الفلاسفة ونحوه، وجد كابن سينا اللهم إلا من حيث يولد وجوده، وغايته تلذذ بأمور كلية حاصلة في ذهن العالم لا وجود لها في الخارج، لا سيما إذا قالوا: إن النفس الناطقة لا تدرك المغيبات التي يسمونها الجزئيات، وإنما تدرك الكليات، لا سيما بعد المفارقة. والكليات لا تكون كليات إلا في الذهن، فلا تكون لذة النفس عندهم إلا بأمور مقيدة فيها متصلة بها، لا بعلم شيء موجود في الخارج عنها. ما يثبتونه من اللذات العقلية إنما هو لذة العلم بالموجود من حيث هو موجود، لا اختصاص للرب بذلك،
وهذا في غاية البعد عن الحق، كما قد بسطناه في غير هذا الموضع، وإنما هو إثبات النعيم بأمور مقدرة في الذهن، ولهذا كان الاتحادية وهم من خلاصة لا ينكرون اللذة بالمشاهدة، كما ذكر ذلك جهم، ابن العربي الطائي في بعض كلامه أن المشاهدة ما التذ بها [ ص: 140 ] عارف قط.