[ ص: 390 ]
[ ص: 391 ] مسألة في [ ص: 392 ] [ ص: 393 ] مسألة رجل شتم شريفا
في رجل من أهل العلم شتمه شريف وقال له: يا جاهل! فقال هو للشريف: الجاهل جدك، ولم يعلم أنه شريف، فقال له الشريف: كفرت لأنك شتمت جدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
الجواب
لا يحل تكفير المسلم بمثل ذلك، ومن عرف إيمانه لا يقصد بمثل هذا اللفظ لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فمن ادعى على معروف بالخير والدين أنه قصد بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإنه يعزر هذا المفتري على أهل الخير والدين، كما لو ادعى على أحد أنه سرق ماله أو قطع الطريق عليه ونحو ذلك من دعاوي التهم التي يعلم براءة المتهم فيها، فإنه يعزر في قولي العلماء من يفتري على أهل الخير بمثل ذلك.
وسواء كان المتكلم بهذا يعلم أن المخاطب شريف أو لم يكن يعلم لا يحمل ذلك على مراده النبي - صلى الله عليه وسلم -، إلا أن تكون هناك قرينة تدل على ذلك، مثل أن يكون القائل معروفا بالنفاق والاستهزاء بالرسالة والقرآن ودين الإسلام ونحو ذلك، فمتى ظهرت هذه الكلمة ممن هو معروف بالنفاق كان ذلك قرينة تقوي إرادته النبي - صلى الله عليه وسلم -، فيحبس حينئذ المتهم، ويكشف عن بقية أحواله، ويعاقب إما بالقتل وإما بدونه، لئلا يجترئ أهل النفاق والزندقة على انتهاك حرمة الرسالة.
والجد المطلق يتناول أبا الأب، وقد يتناول من هو أعلى منه بقرينة، ومن الأشراف العالم والجاهل والبر والفاجر والصادق [ ص: 394 ] والكاذب، ويجب عليهم طاعة الله ورسوله كما يجب على سائر الأمة، ويجب أن تقام عليهم الحدود كما تقام على غيرهم، فإن في الصحيحين فكلمه فيها أسامة بن زيد، فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: "يا أسامة، أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟ إنما هلك من كان قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد. أسامة!
والذي نفس محمد بيده لو أن سرقت لقطعت يدها". فاطمة بنت محمد أن امرأة كانت ذات شرف سرقت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقطع يدها، فشق ذلك على أهلها، وقالوا: من يكلم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلا