فصل [في أموال أهل الكفر]
فيمن تسوغ له على خمسة أوجه : أموال أهل الكفر
أحدها : الحكم فيها لله خالصا .
والثاني : هي لمن أخذها ولا خمس فيها .
والثالث : أن تكون شركة : الخمس لله تعالى ، وأربعة أخماسها للذين أخذوها .
والرابع : مختلف فيها : هل هي لله سبحانه ، أو شركة أخماسا ؟
والخامس : مختلف فيها : هل هي لواجدها خاصة ، أو شركة فتخمس ؟
فالأول : جزية الجماجم ، وخراج الأرضين ، وعشور أهل الذمة ، وأهل الحرب إذا أتوا تجارا- فهذه لله تعالى خالصا .
فإن رأى الإمام ألا يعطي منها لآدمي شيئا- جاز ، ويجعله في الكراع والسلاح ، ويصلح منها الحصون والأسوار ، أو يصرف بعضه في ذلك ، وبعضه للناس .
الثاني : ما أخذ من بلد الحرب ، ولم يوجف لأجله ، مثل : أن يدخل إليهم تاجرا ، أو يكون عندهم أسيرا ، فيهرب بمال ، أو يهرب عبد لهم بمال- فهو لمن [ ص: 1410 ] أخذه ولا خمس فيه ، وسواء كان متاعا أو عينا .
قال محمد : إن هرب الأسير بجارية فلا خمس فيها ؛ لأنه مما لم يوجف عليه إذا أسر من بلد المسلمين ، فإن كان خرج إلى بلاد الحرب فأسر- ففيه الخمس . يريد : إذا خرج لمثل ذلك أو للجهاد . ولو خرج تاجرا ثم سرق جارية أو متاعا- لم يخمس .
وقال في كتاب مالك محمد : إن طرح العدو شيئا خوفا من الغرق ، أو انكسرت مراكبهم ، فوجد إنسان متاعا أو ثيابا ، ولا أحد معه من الحربيين ، ولا هو بقرب قراهم- كان لمن أخذه ، ولا خمس فيه ، إلا أن يكون ذهبا أو فضة فيخمس . وإن كانت الأمتعة أو العين بقرب قراهم- ففيه الخمس ، إلا أن يكون يسيرا ، فلا يخمس ، وإن كان معه الحربيون كان سبيله سبيل الحربيين ، أمر ذلك كله إلى الوالي .
والثالث : ما غنم المسلمون بعد الحرب ، فهو شركة أخماسا ، وكذلك الركاز إذا كان عينا .
واختلف عن إذا لم ينل إلا بعد العمل الكثير ، وإن كان يسيرا أو كثيرا وهو مما سوى العين ، وقد مضى ذكر ذلك في كتاب الزكاة . مالك
والرابع : ما جلا أهله عنه ، وهو على ثلاثة أوجه :
فإن جلوا عنه بعد نزول الجيش عليهم - كان فيه قولان : [ ص: 1411 ]
فقيل : هو فيء ، ولا شيء لأهل الجيش فيه ؛ لأنه أخذ بغير قتال .
وقيل : أخماسا ؛ لأنهم أوجفوا عليه ، وإيجافهم كان سبب جلائهم عنه .
وإن جلوا عنه قبل خروج الجيش خوفا منه- كان جميع ما جلوا عنه فيئا .
ويختلف فيما يكون من خراج أرضهم ، ومن ذلك ما صولحوا عليه : فإن كان الصلح قبل خروج الجيش ، وإنما كان ذلك بمكاتبة أو برسل- كان جميع ما صولحوا عليه فيئا .
وإن كان بعد نزول الجيش بهم- كان على القولين : هل جميعه فيء أو أخماس ؟ لأنه بإيجافهم ، وهذا فيما يؤخذ منهم بالحضرة .
والثالث : ما يؤدونه كل عام ، فحكمه حكم خراج الأرضين .
والخامس : ما يغنمه العبيد بإيجاف من أرض الإسلام ولا حر معهم ، فقيل : هو لهم ، ولا خمس فيه ؛ لأنهم ممن لم يخاطب بالجهاد ؛ فلم يدخلوا في عموم قوله -عز وجل- : واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه [الأنفال : 41] . وقيل : يخمس قياسا على الأحرار .
وكذلك إذا كانوا مع الجيش ، وبهم قووا على الجيش أو على الغنيمة ، فيختلف في أنصبائهم : هل تخمس ؟
ويختلف ؟ واختلف في الركاز إذا كان متاعا أو جوهرا : هل يخمس ؟ . [ ص: 1412 ] فيما غنمه النساء والصبيان إذا انفردوا بالغنيمة بالقتال من غير رجال : هل يخمس أم لا