فصل [في أنواع ما يغنم في الحرب وما يفعل به]
والمأخوذ من الغنيمة على سبعة أوجه : الأموال والرجال والنساء والصبيان والأرضون والأطعمة والأسلاب والأنفال .
فأما . الأموال ؛ فتقسم على السهمان أخماسا بالقرآن
وأما . الرجال ؛ فالإمام مخير فيهم بين خمسة أوجه : المن والفداء والقتل والجزية والاسترقاق
فأي ذلك رأى حسن نظر فعله .
والمن والفداء ومن ضربت عليه الجزية من الخمس على القول إن الغنيمة مملوكة بنفس الأخذ ، والقتل من رأس المال ، والاسترقاق راجع إلى جملة [ ص: 1407 ] الغانمين . والاسترقاق أولى من القتل ، فينتفع بثمنه ، وقد يهديه الله تعالى إلى الإسلام ، إلا أن يكون ممن أنكى في المسلمين أو رأى في قتله نكاية للعدو .
وأما الأجراء والفلاحون ؛ فهو مخير فيهم حسب ما تقدم ، إلا القتل فاختلف فيه ، وقد تقدم .
وأما النساء والصبيان ؛ فهو مخير فيهم بين ثلاثة أوجه :
المن ، والفداء ، والاسترقاق دون القتل والجزية . وإن رأى استبقاء من قارب البلوغ ليضرب عليه الجزية إذا بلغ ؛ لم يمنع من ذلك .
والأرض على ثلاثة أقسام فما كان بعيدا من قهر المسلمين ، ولا يستطاع سكناه للخوف من العدو ؛ هدم وحرق .
وما كان يقدر المسلمون على عمارته ، إلا أنهم لا يسكنونه إلا أن يملكوه ؛ فإن الإمام يقطعهم ، ويخرجه من رأس الغنيمة ، ولا مقال لأهل الجيش فيه ، ويقطعه لمن فيه نجدة وحزم ، فيكون في نحر العدو وردءا للمسلمين .
واختلف فيما كان قريبا ومرغوبا فيه ، فقال مرة : لا حق لأهل الجيش فيه ، ولا يقسم ، ويوقف خراجا للمسلمين . مالك
وقال مرة : يجوز قسمها أو وقفها ، وليست كالأموال ، فلا يجوز إخراجها عنهم . فقال في المبسوط وهو في بعض روايات المدونة : كل أرض افتتحت [ ص: 1408 ] عنوة ؛ فتركت لم تقسم ، ولو أرادوا أن يقسموها لقسموها ، فتركت لأهل الإسلام- فهذه التي قال : يجتهد فيها الإمام ، ومن حضره من المسلمين . مالك
فأجاز تقسمتها إذا رأى الإمام ذلك ، ولا أعلم خلافا أنها إن قسمت أن ذلك ماض ، ولا ينقض . وذهب بعض الناس إلى أنها كالأموال تقسم ، ولا يجوز حبسها عن الغانمين . وقوله بجواز القسم أحسن ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم قريظة وفدك وخيبر . وقال عمر - رضي الله عنه - : لولا من يأتي من المسلمين ؛ لم أدع قرية افتتحت عنوة إلا قسمتها ، كما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر . فسلم - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قسم العنوة ، وأن ذلك لم ينسخ ؛ لأنه جوز القسم ، وأخبر أن ترك القسم باجتهاد منه ، ليس يمنع منه فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وقد افتتحت عمر مكة عنوة ولم تقسم .
واختلف : هل تركت لأهلها منا عليهم بها ، فيجوز لهم بيعها ، أو تركها فيئا للمسلمين ؟ ولم يختلف أنه من على الرجال ، وقد روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : "مكة حرم ، لا تحل إجارة بيوتها ، ولا بيع رباعها" .
وقال علقمة بن نضلة : كانت المساكن والدور بمكة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر - رضي الله عنهم - لا تباع ولا تكرى ، وما [ ص: 1409 ] تدعى إلا السوائب ، من احتاج سكن ، ومن استغنى أسكن . وعثمان
وروي عن - رضي الله عنه - أنه نهى أن تغلق دور عمر بن الخطاب مكة دون الحاج ، وقال في أيام الحج : يا أهل مكة لا تتخذوا لدوركم أبوابا دعوهم ينزلون في الفارغ ، فكانوا ينزلون حتى يضربوا فساطيطهم في الدور . وقد تقدم بعض ذلك في كتاب الأرضين .