باب في الأنفال
. فالجائز : ما كان بعد القتال . والمكروه : ما كان قبل ، مثل أن يقول والي الجيش : من يقتل فلانا فله سلبه أو دنانير أو كسوة ، أو من جاء بشيء من العين أو المتاع أو الخيل فله ربعه أو نصفه ، أو من صعد موضع كذا وكذا أو وقف فيه أو بلغه فله كذا . كل ذلك ممنوع ابتداء لوجهين : النفل : جائز ومكروه
أحدهما : أنه قتال للدنيا ، ولا يجوز أن يسفك دمه على ذلك ، وقد أخرجه سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الرجل يقاتل للغنيمة ، والرجل يقاتل للذكر ، والرجل يقاتل ليرى مكانه ، أي ذلك في سبيل الله ؟ فقال : "من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله" البخاري . ومسلم
والثاني : أن ذلك يؤدي على التحامل إلى الهلاك ، وقد قال - رضي الله عنه - : لا تقدموا جماجم المسلمين إلى الحصون ، فلمسلم أستبقيه أحب إلي من الحصن أفتحه . [ ص: 1413 ] عمر
فإن فات القتال على مثل ذلك- كان له شرطه ؛ لأنه عمل على حظه من الدنيا ، فهو كالمبايعة .
قال في كتاب ابنه : سحنون ، ويدخلون في السهام فيما بقي بعد الخمس . إن بعث الوالي سرية على أن لهم ثلث ما غنموا- مضى وأعطوا ذلك
فأثبت سهمانهم في الباقي ، وليس بالبين . والمفهوم أن ذلك بدل سهمانهم ، لا شيء لهم غيره . ولو قال : لكم الثلث والربع بعد إخراج الخمس-كان أبين أن لا شيء لهم سوى ما جعل لهم ؛ لأنه إذا أخرج الخمس كان الباقي على السهمان ، فجعل لهم مكان سهمانهم ثلث الباقي أو ربعه .
إن رأى ذلك ، وإلا تركه ، فإن أراد أن ينفل وتساوى فعل السرية أو الجيش أو تقارب- نفل جميعهم ، وسوى بينهم ، وإلا ترك ، ولا ينفل بعضهم ؛ لأنه خروج عن العدل ، ومفسدة لقلوبهم . والنفل بعد الغنيمة موكول إلى اجتهاد الإمام
وإن اختلف فعلهم ، وكان فيهم من أبلى بقتل أو بصبر في موضع ، أو برأي كان فيه فتح نفله دون غيره .
وإن كان فاعل ذلك عددا نفل جميعهم أو تركهم ، فإن نفلهم واختلف فعلهم جاز أن يفضلهم بما يرى ، ولا بأس أن يرضخ لغيرهم ليستطيب قلوبهم .
ويستحب أن يكون النفل مما يظهر على المعطى : كالفرس والثوب [ ص: 1414 ] والعمامة والسيف ؛ لأنه أعظم في النفوس من الدنانير وإن كثرت .
والنفل من الخمس ، ولا ينفل من رأس الغنيمة لوجهين :
أحدهما : أن فيه ظلما على من لم ينفل ، على القول إن الغنيمة مملوكة بنفس الأخذ ؛ لأنه أعطى من نصيب الآخرين .
والثاني : أن فيه فسادا لقلوب الآخرين ؛ لأنهم يعتقدون أن ذلك من أنصبائهم وإن لم يكن كذلك .