مسألة [ ] البسملة في القرآن
البسملة من أول الفاتحة بلا خلاف عندنا ، وفيما عداها من السور سوى براءة أقوال : للشافعي
أصحها : أنها آية من كل سورة ، ومن أحسن الأدلة فيه ثبوتها في [ ص: 217 ] سواد المصحف وأجمع الصحابة أن لا يكتب في المصحف ما ليس بقرآن ، وأن ما بين الدفتين كلام الله .
الثاني : بعض آية .
والثالث : ليست من القرآن بالكلية ، وعزي للأئمة الثلاثة
والرابع : أنها آية منفردة أنزلت للفصل بين السور ، وهذا غريب لم يحكه أحد من الأصحاب ، لكنه يؤخذ مما حكاه ابن خالويه في الطارقيات " عن الربيع سمعت يقول : أول الحمد بسم الله الرحمن الرحيم ، وأول البقرة ألم . الشافعي
قال العلماء : وله وجه حسن ، وهو أن البسملة لما ثبتت أولا في سورة الفاتحة فهي في باقي السور إعادة لها وتكرار ، فلا يكون من تلك السور ضرورة ، ولا يقال : هي آية من أول كل سورة ، بل هي آية في أول كل سورة .
قال بعض المتأخرين : وهذا القول أحسن الأقوال ، وبه تجتمع الأدلة ، فإن إثباتها في المصحف بين السور منتهض في كونها من القرآن ، ولم يقم دليل على كونها آية من أول كل سورة . وحكى المتولي من أصحابنا وجها : أنه إن كان الحرف الأخير من السورة قبله ياء ممدودة كالبقرة ، فالبسملة آية كاملة ، وإن لم يكن منها ك { اقتربت الساعة } فبعض آية .
وحكى الماوردي وغيره وجهين في أنها ، لاختلاف العلماء فيها ؟ ومعنى سبيل الحكم أنه لا تصح الصلاة إلا بها في أول الفاتحة ، ولا يكون قارئا لسورة [ ص: 218 ] بكمالها غير الفاتحة إلا إذا ابتدأها بالبسملة سوى براءة ، لإجماع المسلمين على أن البسملة ليست بآية فيها . هل هي قرآن على سبيل القطع كسائر القرآن أم على سبيل الحكم
وضعف الإمام وغيره قول من قال : إنها قرآن على القطع .
قال الإمام : هذه غباوة عظيمة من قائله ، لأن ادعاء العلم حيث لا قاطع محال .
وقال الماوردي : قال جمهور أصحابنا : هي آية حكما لا قطعا ، فعلى قول الجمهور يقبل في إثباتها خبر الواحد كسائر الأحكام ، وعلى القول الآخر بخلافه كسائر القرآن ، وهو ضعيف كما قال الإمام ، إذ لا خلاف بين المسلمين أنه ، ولو كانت على سبيل القطع لكفر . على أن لا يكفر نافيها ابن الرفعة حكى وجها عن صاحب الفروع " أنه قال بتكفير جاحدها ، وتفسيق تاركها . ولنا مسلكان :
أحدهما : القطع بأنها منه ، فإن الصحابة أثبتوها في المصحف على الوجه الذي أثبتوا به سائر القرآن ، وأجمعوا . على أن ما بين الدفتين كلام الله مع شدة اعتنائهم بتجريده عما ليس منه ، فيجب أن يكون من القرآن كسائر الآي المكررة ، في الشعراء ، والرحمن ، والمرسلات . وأما الخلاف فيها ، فإنه لا يهتك حرمة القطع ، فكم من حكم يقيني قد اختلف فيه . أما في العقليات وما مبناه اليقين كالحسيات فكثير ، وأما في الفروع فإن القائلين بأن المصيب فيها واحد ذهب أكثرهم إلى أنه لا يتعين . وكان يقطع بخطأ مخالفه . ونقل مثل ذلك عن القاضي أبو الطيب ، وربما حلف على المسألة . أحمد بن حنبل
والحق : أنها منقسمة إلى يقينية وظنية كما سبق ، لكن لما غلب على مسائل الخلاف الظن ظن أن جميعها كذلك ، وليس كذلك .
وأما فصل التكفير فلازم لهم حيث لم يكفروا المثبتين كما يكفر من زاد [ ص: 219 ] شيئا من المكررات ، ثم الجواب أن مناط التكفير غير مناط القطع ، فكم من قطعي لا يكفر منكره بل لا بد أن يكون مجمعا عليه معلوما من الدين بالضرورة .
والثاني : أنه يكتفى بالظن كما فعل غير واحد . ثم نقول : ، فأما تكرارها في المحال فلا يتوقف على القاطع . نفس الآية لا تثبت إلا بقاطع