47 - قوله: (ع): "هكذا أعل في [علومه] هذا الحديث بهذه الحكاية والغالب على الظن عدم صحتها وأنا أتهم بها الحاكم أحمد بن حمدون القصار راويها عن ..." إلى آخره. مسلم
قلت: الحكاية صحيحة قد رواها غير على الصحة من غير نكارة، وكذا رواها الحاكم عن البيهقي على الصواب كما سنوضحه، لأن المنكر منها إنما هو قوله: [ ص: 716 ] "إن الحاكم قال: لا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث الواحد المعلول، والواقع أن في الباب عدة أحاديث لا يخفى مثلها على البخاري ". البخاري
والحق أن لم يعبر بهذه العبارة. البخاري
وقد رأيت أن أسوق لفظ الحكاية من الطريق التي ذكرها وضعفها الشيخ ثم أسوقها من الطريق الأخرى الصحيحة التي لا مطعن فيها ولا نكارة، ثم أبين حال الحديث ومن أعله أو صححه لتتم الفائدة فأقول: الحاكم
قال - في علوم الحديث : "الجنس الأول من الحاكم ". أجناس علل الحديث
مثاله: ما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب . ثنا ثنا محمد بن إسحاق الصاغاني قال: قال حجاج بن محمد ، عن ابن جريج ، عن موسى بن عقبة ، عن أبيه عن سهيل بن أبي صالح - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أبي هريرة . "من جلس مجلسا فكثر فيه لغطه، فقال قبل أن يقوم: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك" إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك
[ ص: 717 ] قال : هذا الحديث من تأمله لم يشك أنه من شرط الصحيح وله علة فاحشة، وهي ما حدثني الحاكم أبو نصر: أحمد بن محمد الوراق قال: سمعت أبا حامد: أحمد بن حمدون القصار يقول:
سمعت - وجاء إلي مسلم بن الحجاج فقبل بين عينيه وقال: دعني [حتى] أقبل رجليك يا أستاذ الأستاذين وسيد المحدثين، وطبيب الحديث في علله، حدثك محمد بن إسماعيل البخاري محمد بن سلام ، ثنا مخلد بن يزيد الحراني ، أنا ، عن ابن جريج عن موسى بن عقبة سهيل عن أبيه عن ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في كفارة المجلس فما علته؟ قال أبي هريرة محمد بن إسماعيل : هذا حديث مليح ولا أعلم في الدنيا في هذا الباب غير هذا الحديث إلا أنه معلول، ثنا به ثنا موسى بن إسماعيل ، ثنا وهيب سهيل ، عن قوله". عون بن عبد الله
قال محمد بن إسماعيل : هذا أولى، فإنه لا يذكر لموسى سماع من سهيل ، انتهى.
[ ص: 718 ] فيا عجباه من كيف يقول هنا: إن له علة فاحشة ثم يغفل، فيخرج الحديث بعينه في المستدرك ويصححه. الحاكم
ومن الدليل على أنه كان غافلا في حال كتابته له في المستدرك (عما) كتبه في علوم الحديث أنه عقبه في المستدرك بأن قال: "هذا حديث صحيح على شرط ، إلا أن مسلم أعله برواية البخاري ، وعن وهيب عن موسى بن عقبة سهيل ، عن أبيه عن انتهى. كعب الأحبار
وهذا الذي ذكره لا وجود له عن ، وإنما الذي أعله البخاري في جميع طرق هذه الحكاية - هو الذي ذكره البخاري أولا. الحاكم
وذلك من طريق عن وهيب سهيل ، عن لا ذكر عون بن عبد الله لكعب فيه البتة، وبذلك أعله أحمد بن حنبل وأبو حاتم وأبو زرعة وغيرهم كما سأوضحه، وعندي أن الوهم فيها من في حال كتابته في علوم الحديث، لأنه رواها خارجا عنه على الصواب رواها عنه الحاكم في المدخل ومن طريقه البيهقي في تاريخه عن الحافظ أبو القاسم ابن عساكر أبي المعالي الفارسي عنه قال: أنا ) قال: سمعت أبو عبد الله الحافظ (يعني الحاكم أبا نصر الوراق فذكر الحكاية إلى قوله: في كفارة المجلس. وزاد فقال: قال : البخاري
وحدثنا أحمد بن حنبل قال: ثنا ويحيى بن معين ، عن حجاج بن محمد حدثني ابن جريج ..." وساق الحديث، ثم قال: موسى بن عقبة
[ ص: 719 ] قال محمد بن إسماعيل : هذا حديث مليح ولا أعلم بهذا الإسناد في الدنيا غير هذا إلا أنه معلول ... وذكر باقي القصة.
فقوله: "لا أعلم بهذا الإسناد لا اعتراض فيه" بخلاف تلك الرواية التي فيها "لا أعلم في الباب"، فإنه يتجه عليه ما اعترض به الشيخ من أن في الباب عدة أحاديث غير هذا الحديث.
وقد وقعت لي هذه الحكاية من وجه آخر رويناها في كتاب الإرشاد قال: "أنا للحافظ أبي يعلى الخليلي في كتابه - أنا أبو محمد المخلدي أبو حامد الأعمش هو أحمد بن حمدون الحافظ قال: كنا عند محمد بن إسماعيل البخاري بنيسابور فجاء فسأله عن حديث مسلم بن الحجاج عن عبيد الله بن عمر عن أبي الزبير في قصة العنبر" . جابر
قال: فقرأ عليه إنسان حديث عن حجاج بن محمد عن ابن جريج عن موسى ابن عقبة سهيل ، عن أبيه عن - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في كفارة المجلس. أبي هريرة
[ ص: 720 ] فقال : في الدنيا أحسن من هذا؟ تعرف بهذا الإسناد في الدنيا حديثا غير هذا؟ . مسلم
فقال محمد بن إسماعيل : لا إلا أنه معلول.
فقال : لا إله إلا الله وارتعد أخبرني به فقال: استر ما ستر الله فألح عليه وقبل رأسه وكاد أن يبكي فقال: اكتب إن كان ولا بد حدثنا مسلم موسى ثنا ثنا وهيب عن موسى بن عقبة . فقال له عون بن عبد الله لا يبغضك إلا حاسد وأشهد أن ليس في الدنيا مثلك. مسلم
قلت: وهكذا رواها في تأريخه عن الخطيب أبي حازم العبدري عن الحسن بن أحمد الزنجوني عن أحمد بن حمدون مثله.
فهذا اللفظ أولى بأن يعزى إلى من اللفظ المعزو له في كلام البخاري في علوم الحديث. الحاكم
على أن بعض المتأخرين من الحفاظ أول الكلام الذي في علوم الحديث فقال: "الذي ينبغي أن يحمل عليه كلامه في هذه الرواية وغيرها أن يكون مراده بالباب رواية - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وبالحديث طريق أبي هريرة عن ابن جريج عن موسى بن عقبة سهيل عن - رضي الله عنه -. أبي هريرة
[ ص: 721 ] قلت: وهو حمل متعسف ظاهر التكلف، ثم إنه يرد عليه ما فر منه فإنه روى من رواية - رضي الله عنه - من غير هذا الوجه. وذلك فيما رواه أبي هريرة في سننه من طريق أبو داود عن ابن وهب ، عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال ، عن سعيد المقبري موقوفا نحو هذا الحديث. عبد الله بن عمرو بن العاص
قال : وحدثني بنحو ذلك عمرو بن الحارث عبد الرحمن بن أبي عمرو عن ، عن المقبري - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . أبي هريرة
وأخرجه في صحيحه ابن حبان في الدعاء من طريق والطبراني هذه. ابن وهب
ولما أخرج حديث الترمذي المبدأ بذكره في كتاب الدعوات من جامعه عن ابن جريج أبي عبيدة بن أبي السفر ، عن حجاج قال: هذا حديث حسن [صحيح] غريب لا نعرفه من حديث سهيل إلا من هذا الوجه" انتهى.
[ ص: 722 ] وهو متعقب - أيضا - وقد عرفناه من حديث سهيل من غير هذا الوجه فرويناه في الخلعيات مخرجا من أفراد من طريق الدارقطني ثنا الواقدي عاصم ابن عمر كلاهما عن وسليمان بن بلال سهيل به.
ورويناه في كتاب الذكر قال: ثنا لجعفر الفريابي : ثنا هشام بن عمار . ثنا إسماعيل بن عياش سهيل .
ورويناه في الدعاء من طريق للطبراني قال: حدثني ابن وهب محمد بن أبي حميد عن سهيل .
فهؤلاء أربعة رووه عن سهيل من غير الوجه الذي أخرجه فلعله إنما نفى أن يكون يعرفه من طريق قوية، لأن الطرق المذكورة لا يخلو واحد منها من مقال. الترمذي
أما الأولى: متروك الحديث. فالواقدي
وأما الثانية: فإسماعيل بن عياش مضعف في غير روايته عن الشاميين . ولو صرح بالتحديث.
وأما الثالثة: فمحمد بن أبي حميد وإن كان مدنيا، لكنه ضعيف - أيضا - وقد سبق الترمذي إلى ما حكم به من تفرد تلك الطريق عن أبو حاتم سهيل ، فقال: فيما حكاه ابنه عنه في العلل :
"لا أعلم روى هذا الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في شيء من طرق - رضي الله عنه - . أبي هريرة
قال: وأما رواية ، فما أدري ما هي؟، إنما روى عنه إسماعيل بن عياش إسماعيل أحاديث يسيرة.
[ ص: 723 ] فكأن استبعد أن يكون أبا حاتم إسماعيل حدث به، لأن تغير في آخر عمره، فلعله رأى أن هذا مما خلط فيه، ولكن أورد هشام بن عمار على إطلاق أبيه طريق ابن أبي حاتم عن سعيد المقبري التي قدمناها، ثم اعتذر عنه بقوله: كأنه لم يصحح رواية أبي هريرة عبد الرحمن بن أبي عمرو عن . المقبري
وهذا يدلك على أنهم قد يطلقون النفي، ويقصدون به نفي الطرق الصحيحة، فلا ينبغي أن يورد على إطلاقهم مع ذلك الطرق الضعيفة - والله الموفق - .
وذكر هذا الحديث في كتاب العلل وحكى عن الدارقطني أنه قال: حديث أحمد بن حنبل عن ابن جريج وهم قال: والصحيح قول موسى بن عقبة عن وهيب سهيل عن قال عون بن عبد الله : وأخشى أن يكون أحمد دلسه على ابن جريج أخذه عن بعض الضعفاء عنه. قال موسى بن عقبة : والقول قول الدارقطني . أحمد
وقال - في كتاب العلل : "سألت أبي ابن أبي حاتم وأبا زرعة عن حديث (يعني هذا) فقالا: هذا خطأ رواه ابن جريج عن وهيب سهيل عن موقوفا وهذا أصح. قلت لأبي: فالوهم ممن هو؟ عون بن عبد الله
قال: يحتمل أن يكون من (ويحتمل أن يكون من ابن جريج سهيل قال: وأخشى أن يكون دلسه) عن ابن جريج أخذه من بعض الضعفاء". موسى بن عقبة
[ ص: 724 ] وقال في موضع آخر : "ولم يذكر فيه الخبر فأخشى أن يكون أخذه عن ابن جريج إبراهيم بن أبي يحيى " .
[اتفاق جماعة من الأئمة على وجود الوهم في هذه الرواية:]
قلت: فاتفق هؤلاء الأئمة على أن هذه الرواية وهم، ولكن لم يجزم أحد منهم بوجه الوهم فيه، بل اتفقوا على تجويز أن يكون دلسه، وزاد ابن جريج تجويز أن يكون الوهم فيه من أبو حاتم سهيل .
فأما الخشية الأولى، فقد أمناها لوجودنا هذا الحديث من طرق عدة عن قد صرح فيها بالسماع من ابن جريج موسى .
[الطرق التي صرح فيها بالتحديث:] ابن جريج
منها: ما تقدم عن في مساق البخاري ، عن البيهقي . الحاكم
ومنها: ما رويناه في "معجم أبي الحسين بن جميع " قال: "ثنا جعفر بن محمد الهمداني ثنا هلال بن العلاء ثنا ثنا حجاج بن محمد أخبرني ابن جريج ". موسى بن عقبة
وكذا رويناه في أمالي الضبي من طريق الزعفراني : ثنا حجاج قال: قال أخبرني ابن جريج موسى .
[ ص: 725 ] وكذا أخرجه في زيادات البر والصلة قال: أنا الحسين بن الحسن المروزي به. حجاج بن محمد
وكذا رواه ، عن الطبراني أحمد بن زياد الرقي ، عن حجاج به أخرجه في علوم الحديث عنه. أبو نعيم
وقال : ثنا الطحاوي أبو بشر الرقي . ثنا كذلك لكن المحفوظ عن حجاج بن محمد حجاج ليس فيه الخبر كذا هو في رواية الجم الغفير عنه نعم رويناه في "فوائد " قال: "ثنا سمويه ثنا سليمان بن داود - وهو الهاشمي - أبو صفوان: عبد الله بن سعيد ابن عبد الملك . ثنا حدثني ابن جريج ..." فذكره، وكذا رويناه في "فوائد موسى بن عقبة الدسكري " من طريق ، عن أسد بن موسى ، عن سعيد بن سالم أخبرني ابن جريج موسى .
ورويناه في "المعجم الأوسط" من طريق سفيان ، عن أخبرني ابن جريج موسى ".
فزال ما خشيناه من تدليس بهذه الروايات المتظافرة عنه بتصريحه بالسماع من ابن جريج موسى .
وبقي ما خشيه من وهم أبو حاتم سهيل فيه.
وذلك أن سهيلا كان قد أصابته علة نسي من أجلها بعض حديثه ولأجل هذا قال فيه : يكتب حديثه ولا يحتج به. أبو حاتم
[ترجيح رواية على رواية وهيب :] موسى بن عقبة
فإذا اختلف عليه ثقتان في إسناد واحد أحدهما أعرف بحديثه وهو . وهيب
[ ص: 726 ] من الآخر - وهو - قوي الظن بترجيح رواية موسى بن عقبة ، لاحتمال أن يكون عند تحديثه وهيب لم يستحضره كما ينبغي وسلك فيه الجادة فقال: عن أبيه، عن لموسى بن عقبة - رضي الله عنه - كما هي العادة في أكثر أحاديثه، ولهذا قال أبي هريرة في تعليله "لا نعلم البخاري لموسى سماعا من سهيل ".
(يعني) أنه إذا كان غير معروف بالأخذ عنه ووقعت عنه رواية واحدة خالفه فيها من هو أعرف بحديثه وأكثر له ملازمة رجحت روايته على تلك الرواية المنفردة.
وبهذا التقرير يتبين عظم موقع كلام الأئمة المتقدمين وشدة فحصهم وقوة بحثهم وصحة نظرهم وتقدمهم بما يوجب المصير إلى تقليدهم في ذلك والتسليم لهم فيه وكل من حكم بصحة الحديث مع ذلك إنما مشى فيه على ظاهر الإسناد كما تقدم كالترمذي فإنه أخرجه في صحيحه وهو معروف بالتساهل في باب النقد، ولا سيما كون الحديث المذكور في فضائل الأعمال - والله أعلم - . وكأبي حاتم ابن حبان
وأما قول شيخنا: إنه ورد في حديث جماعة من الصحابة - رضي الله عنهم - فذكر منهم ثمانية وهم:
1 - . أبو برزة الأسلمي
2 - . ورافع بن خديج
3 - . والزبير بن العوام
4 - . وعبد الله بن مسعود
5 - . وعبد الله بن عمرو
[ ص: 727 ] 6 - . والسائب بن يزيد
7 - وأنس .
8 - وعائشة - رضي الله عنها -
وأنه بين أحاديثهم في تخريج أحاديث الأحياء. فهو كما قال - رضي الله تعالى عنه - .
لكنه إنما بينها في التخريج الكبير الذي مات عن أكثره وهو مسودة فقد لا يصل إلى الفائدة منه كل أحد فرأيت عزوها إلى من خرجها على طريق الاختصار بزيادة كثيرة جدا في العزو إلى المخرجين.
1 - أما حديث أبي برزة - رضي الله تعالى عنهما - ، فهما حديث واحد اختلف فيه على الراوي عنهما أخرجه ورافع بن خديج الدارمي وأبو داود من طريق والنسائي أبي هاشم الرماني ، عن عن أبي العالية - رضي الله عنه - ورجال إسناده ثقات إلا انه اختلف فيه على أبي برزة الأسلمي - فرواه أبي العالية في الصغير الطبراني في المستدرك من [ ص: 728 ] طريق والحاكم عن مقاتل بن حيان ، عن الربيع بن أنس عن أبي العالية - رضي الله عنه - وعلى رافع بن خديج فيه اختلاف آخر، فقد ذكر أبي العالية أن أبو موسى المديني - رواه أيضا - عن الربيع بن أنس ، عن أبي العالية وعلى أبي بن كعب فيه اختلاف آخر، فقد رواه أبي العالية زياد بن الحصين عن عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلا. أبي العالية
وذكر أن أبو موسى المديني جريرا رواه عن فضيل بن عمرو ، عن زياد بن حصين عن معاوية ، كذا قال وكأنه تصحيف وإنما هو عن زياد بن حصين عن . أبي العالية
وكذا رويناه في فوائد ابن عمشليق من طريق إلى زيادات البر والصلة أبي نعيم للحسين بن الحسن المروزي عن كلاهما عن مؤمل بن إسماعيل عن سفيان الثوري منصور عن فضيل بن عمرو عن زياد عن مرسلا وذكر أبي العالية في العلل عن أبيه ابن أبي حاتم أن المرسل أشبه - والله أعلم - . وأبي زرعة
[حديث الزبير :]
وأما حديث - فرواه الزبير بن العوام في الصغير في ترجمة [ ص: 729 ] الطبراني محمد بن علي الطرائفي من طريق عن عبد العزيز بن صهيب حبة مولى الزبير (عن قال: الزبير) بن العوام . قلنا يا رسول الله إنا إذا قمنا من عندك أخذنا في أحاديث الجاهلية، فقال: - صلى الله عليه وسلم - : "إذا جلستم تلك المجالس التي تخافون فيها على أنفسكم فقولوا عند قيامكم: سبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك يكفر عنكم ما أصبتم فيها"
قال : لا يروى عن الطبراني إلا بهذا الإسناد. الزبير (بن العوام)
[حديث :] ابن مسعود
وأما حديث - رضي الله عنه - ذكر ابن مسعود في "المؤتلف" من طريق الخطيب ، وعن الطبراني ، عن شيخ (شيخ) العتيقي : وهو الطبراني أبو الفضل الشيباني ، وهو ضعيف.
وفي رواية : فإنها كفارات الخطايا والقاذورات. العتيقي
ورواه في الكامل في ترجمة ابن عدي يحيى بن كثير صاحب البصري من روايته عن ، عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي - رضي الله عنه - مرفوعا "كفارة المجلس أن يقول العبد ..." فذكره. ابن مسعود
[ ص: 730 ] وهذا من جملة مناكير يحيى بن كثير المذكور وهو ضعيف عندهم لكنه إنما تفرد برفعه فقد رواه في "كتاب الذكر" له قال: ثنا ابن أبي الدنيا خلف بن هشام ، ثنا خالد بن عبد الله - هو الطحان - أحد الأثبات، عن ..." فذكره موقوفا. عطاء بن السائب
وكذا أخرجه في "زيادات البر والصلة" له عن الحسين بن الحسن المروزي سعيد بن سليمان عن خالد .
[حديث :] عبد الله بن عمرو
وأما حديث - رضي الله عنهما - فرواه عبد الله بن عمرو بن العاص من طريق الطبراني محمد بن جامع العطار - وفيه مقال - عن حصين بن نمير عن حصين بن عبد الرحمن ، عن ، عن مجاهد - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم – فذكره. عبد الله بن عمرو
[ ص: 731 ] وخالفه محمد بن فضيل ، فرواه في "كتاب الدعاء" عن حصين بن عبد الرحمن موقوفا.
وكذا رواه خالد بن عبد الله الواسطي ، وعبد الله بن إدريس الأودي وغير واحد عن حصين موقوفا.
وله طريق أخرى موقوفة من رواية تقدم ذكرها . سعيد المقبري
[حديث السائب :]
وأما حديث - رضي الله عنه - فرويناه في "الآثار" السائب بن يزيد ، و"معجم للطحاوي الكبير" ، و"فوائد الطبراني " من حديث سمويه عن الليث بن سعد ، عن يزيد بن الهاد إسماعيل بن عبد الله بن جعفر قال بلغني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال، فذكر مثل حديث المبدأ بذكره. ابن جريج
قال : فحدثت بهذا الحديث يزيد بن الهاد فقال: [ ص: 732 ] "هكذا حدثني يزيد بن خصيفة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجاله ثقات أثبات السائب بن يزيد والسائب قد صح سماعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - .
فالحديث صحيح، والعجب أن لم يستدركه مع احتياجه إلى مثله وإخراجه لما هو دونه. الحاكم
[حديث :] أنس
وأما حديث - فرواه أنس بن مالك الطحاوي في "الأوسط" والطبراني في "فوائده" كلهم من طريق وسمويه عثمان بن مطر ، عن عنه نحو لفظ ثابت البناني - رضي الله عنه - ابن مسعود وعثمان ضعيف .
وقال في العلل عن أبيه: "هذا خطأ رواه ابن أبي حاتم ، عن حماد بن سلمة ثابت ، عن أبي الصديق الناجي قوله".
وأخرجه في "زيادات البر والصلة" عن الحسين بن الحسن المروزي سعيد بن سليمان ، عن فلان بن غياث ، حدثنا ثابت عن - رضي الله عنه - قال: "جاء أنس جبريل عليه الصلاة والسلام، إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: . "إن كفارات المجلس سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك"
[حديث عائشة :]
وأما حديث عائشة - رضي الله عنها - فأخرجه في اليوم [ ص: 733 ] والليلة من طريق النسائي خلاد بن سليمان الحضرمي عن عن خالد بن أبي عمران ، عن عروة عائشة - رضي الله عنها - قالت: . إسناده صحيح - أيضا - . ما جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسا ولا تلا قرآنا ولا صلى إلا ختم ذلك بكلمات، فقلت: يا رسول الله! ما أكثر ما تقول هذه الكلمات فقال - صلى الله عليه وسلم - : نعم من قال: خيرا كن طابعا له على ذلك الخير، ومن قال شرا كانت كفارة له سبحانك الله وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
وله طريق أخرى عن عائشة - رضي الله عنها - أخرج في الدعوات من المستدرك من طريق الحاكم يحيى بن بكير عن ، عن الليث ابن الهاد عن يحيى بن سعيد ، عن زرارة بن أوفى عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم من مجلس إلا قال: سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. فقلت له: يا رسول الله ما أكثر ما تقول هؤلاء الكلمات إذا قمت؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : [ ص: 734 ] "لا يقولهن أحد يقوم من مجلسه (إلا غفر له) ما كان منه في ذلك المجلس"
وروي عن عائشة - رضي الله عنها - بلفظ آخر أخرجه في كتاب "الأبواب" من طريق أبو أحمد العسال عمرو بن قيس عن أبي إسحاق عن الأسود ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قام من مجلسه قال: "سبحانك اللهم وبحمدك (لا إله إلا أنت) أستغفرك وأتوب إليك فقلت: يا رسول الله! إن هذا لمن أحب الكلام إليك قال: - صلى الله عليه وسلم - : "إني لأرجو أن لا يقولها عبد إذا قام من مجلسه إلا غفر له" وإسناده حسن.
ورويناه من وجه آخر عن ، عن الليث ، عن يزيد بن الهاد يحيى بن سعيد ، عن أو زرارة ابن زرارة ، عن عائشة - رضي الله عنها - وأخرجه ، عن الطحاوي محمد بن خزيمة وفهد كلاهما عن عبد الله بن صالح عن عن الليث يحيى بن سعيد ، عن ، عن زرارة عائشة - رضي الله عنها - قالت: ما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوم من مجلس إلا قال ... فذكره، فقلت له: يا رسول الله ما أكثر ما تقول هؤلاء الكلمات ... فذكره.
[حديث :] جبير بن مطعم
وأما حديث - رضي الله عنه - فرواه جبير بن مطعم في "اليوم [ ص: 735 ] والليلة" النسائي وابن أبي عاصم في "كتاب الدعاء" من طريق عن ابن عيينة عن ابن عجلان مسلم بن أبي حرة ، وداود بن قيس ، عن ، عن أبيه ، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : نافع بن جبير . "من قال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك في مجلس ذكر كانت كالطابع يطبع عليه، ومن قالها في غير مجلس ذكر كانت كفارة"
رجاله ثقات إلا أنه اختلف في وصله وإرساله، فقال ابن صاعد : تفرد به ، عن عبد الجبار بن العلاء بقوله: عن ابن عيينة ، عن أبيه. نافع بن جبير
قلت: ورواه عن الليث بن سعد فلم يقل عن أبيه جعله عن ابن عجلان مرسلا. نافع بن جبير
وأخرجه في "كتاب البر والصلة" عن الحسين بن الحسن المروزي ابن عيينة وعلي بن غراب كليهما عن عن ابن عجلان مسلم بن أبي حرة ، عن نحوه مرسلا. نافع بن جبير
[ ص: 736 ] ورويناه في "فوائد علي بن حجر "، عن ، عن إسماعيل بن جعفر داود بن قيس ، عن مرسلا - أيضا - . نافع بن جبير
لكن رواه في "المستدرك" الحاكم في "الكبير" من طريق أخرى عن والطبراني داود بن قيس موصولا.
ووقع في هذا الحديث خطأ شديد، وتبعه عليه شيخنا في "محاسن الاصطلاح" ، فإنه قال - في حرف النون في الاستيعاب : لأبي عمر بن عبد البر
" نافع بن صبرة فخرج حديثه، عن أهل المدينة مثل حديث في كفارة المجلس". أبي هريرة
هذا كلامه، والذي أوقعه في هذا الخطأ التصحيف، فإنه صحف جبير صبرة وهي زيادة الهاء كانت علامة الإهمال على الراء.
ونقل شيخنا كلامه من الاستيعاب مقلدا له فيه ولم ينقده، - والله سبحانه وتعالى الموفق - .
فهذا تخريج الطرق التي ذكرها شيخنا.
[حديث أبي بن كعب :] ومعاوية
ووقع لي في الباب أحاديث لم يذكرها شيخنا منها:
(1 ) ، (2 ) حديث أبي بن كعب كما تقدم في تضاعيف الكلام على طريق ومعاوية - رضي الله عنه -. أبي برزة
[ ص: 737 ] [حديث :] ابن عمر
3 - ومنها: حديث - رضي الله عنهما - أخرجه ابن عمر في الدعوات من المستدرك من طريق الحاكم عن الليث بن سعد ، عن خالد بن أبي عمران عن نافع - رضي الله عنهما - : ابن عمر
إنه لم يكن (يجلس) مجلسا إلا قال: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت ... الحديث.
وفيه: وبارك لي في سمعي وبصري ... إلى قوله: "ولا تسلط علي من لا يرحمني" وفيه: فسئل - رضي الله عنهما - عنهن فقال: (كان) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يختم بهن مجلسه. ابن عمر
[حديث :] أبي أمامة
4 - ومنها: حديث - رضي الله تعالى عنه - وقد رواه أبي أمامة الباهلي في مسنده أبو يعلى وابن السني ، في "اليوم والليلة" من طريق جعفر بن الزبير ، عن القاسم عنه مرفوعا: ما جلس قوم في مجلس فخاضوا في حديث فاستغفروا الله عز وجل قبل أن يتفرقوا إلا غفر لهم ما كانوا فيه .
وجعفر بن الزبير المذكور متروك الحديث - والله سبحانه وتعالى أعلم -.
[ ص: 738 ] [حديث :] أبي سعيد
5 - ومنها: حديث - رضي الله تعالى عنه - رويناه في "كتاب الذكر" أبي سعيد الخدري قال: ثنا لجعفر الفريابي عمرو بن علي ثنا يحيى بن سعيد ثنا ثنا شعبة أبو هاشم عن أبي مجلز ، عن قيس بن عباد ، عن - رضي الله عنه - قال: "من قال في مجلسه: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك ختمت (بخاتم) فلم تكسر إلى يوم القيامة . إسناده صحيح وهو موقوف، لكن له حكم المرفوع، لأن مثله لا يقال بالرأي. أبي سعيد الخدري
[حديث :] علي
6 - ومنها /: حديث - رضي الله عنه - رواه علي بن أبي طالب في "كتاب السنن" بإسناده المشهور عن أبو علي ابن الأشعث أهل البيت -رضوان الله تعالى عليهم- وهو ضعيف.
[حديث رجل من الصحابة:]
7 - ومنها: حديث رجل من الصحابة - رضي الله عنهم - لم يسم
[ ص: 739 ] رويناه في "فوائد ابن خرشيد " قوله من طريق عن أبي الأحوص أبي (فروة ، عن عروة) بن الحارث الهمداني ، عن أبي معشر - وهو زياد بن كليب - قال:
حدثنا رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: جبريل ، كفارات لما في المجلس" إسناده صحيح. إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جلس مجلسا، فلما أراد أن يقوم قال: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك. فقال رجل من القوم: ما هذا؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - : "كلمات علمنيهن
وأخرجه في سننه عن ابن أبي شيبة وقال أبي الأحوص : ثنا الفريابي سفيان (عن أبي إسحاق ) ، عن أنه كان إذا أراد أن يقوم قال: "سبحان الله وبحمده" . أبي الأحوص
[حديث :] أبي أيوب
8 - ومنها: حديث - رضي الله عنه - رويناه في الذكر - أيضا - أبي أيوب الأنصاري لجعفر قال: ثنا محمد بن إسماعيل هو البخاري ثنا ابن [ ص: 740 ] أبي مريم ، ثنا أخبرني ابن لهيعة أن يزيد بن أبي حبيب أبا الخير أخبره، عن أبي رهم أنه سمع - رضي الله عنه - يقول: أبا أيوب الأنصاري "إنه ليس من أهل مجلس يذكرون فيه من اللغو والباطل حتى يلتزم بعضهم بعضا بالرؤوس، ثم يقومون، فيقولون: نستغفر الله ونتوب إليه إلا غفر الله لهم ما أحدثوه في المجلس . ضعيف يقوي حديثه بالشواهد. وابن لهيعة
وفي الإسناد ثلاثة من التابعين بعضهم عن بعض أولهم . يزيد بن أبي حبيب
وروى في "كتاب الذكر" عن الفريابي قتيبة ، عن خلف بن خليفة عن ، عن داود بن أبي هند قال: كفارة المجلس أن تقول حين تقوم: "سبحان الله وبحمده، أشهد أن لا إله الله أستغفره وأتوب إليه" . الشعبي
ورويناه في "الكنى" قال: حدثني لأبي بشر الدولابي عبد الصمد بن عبد الوهاب ثنا يحيى بن صالح ثنا عبيد الله بن [ ص: 741 ] عمرو عن عبد الكريم - وهو الجزري - أي عن يزيد الفقير قال: جبريل عليه السلام علم النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان في مجلس وأراد أن يقوم أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك أستغفرك اللهم وأتوب إليك" . إن
هذا مرسل صحيح الإسناد إلى يزيد الفقير - وهو تابعي مشهور.
وفي "الكنى" للنسائي والمرزبان من طريق سمعت معمر الحكم بن أبان حدثني جعفر أبو سلمة قال: "جاء الروح الأمين - عليه الصلاة والسلام - فقال: يا محمد ! ألا أخبرك بكفارة المجلس إذا قمت تقول: سبحانك اللهم وبحمدك صل على محمد عبدك ورسولك اللهم اغفر لنا" .
وأخرج في "زيادات البر والصلة" عن الحسين بن الحسن المروزي عن الهيثم بن جميل حسام بن مصك عن ابن أبي نجيح ، عن قال: مجاهد "حق المجلس إكراما أن تستغفر الله تعالى وتسبحه وتحمده" .
[ ص: 742 ] وعن الفضل بن موسى ثنا طلحة بن عمرو ، عن عطاء في قوله تعالى: وسبح بحمد ربك حين تقوم .
قال: من كل مجلس إن كنت أحسنت ازددت خيرا وإن كان غير ذلك كان هذا كفارة له.
وعن مؤمل ، (عن سفيان ) ، عن عن حبيب بن أبي ثابت يحيى بن جعدة قال: . من قال في مجلس سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك [غفر له] أو كلمة نحو هذه
وهذا أخرجه في تفسيره (عن الفريابي سفيان ) عن حبيب بن [ ص: 743 ] أبي ثابت عن يحيى بن جعدة "من قال في مجلسه: سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، غفر له ما أحدث في مجلسه" .
وقال [في ترجمة] " أبو نعيم من الحلية : حسان بن عطية
ثنا أحمد بن إسحاق ثنا عبد الله بن أبي داود . ثنا محمود بن خالد . ثنا عمر بن عبد الواحد عن ثني الأوزاعي حسان قال: ما جلس قوم مجلس لغو فختموا باستغفار إلا كتب مجلسهم ذلك استغفار كله .
رجاله ثقات.
هذا آخر طرق حديث كفارة المجلس على طريق الاختصار أوردتها هنا (تبركا بها).
وأما قول شيخنا: "أنا أتهم بها أحمد بن حمدون القصار " ففي إطلاق التهمة عليه نظر، فإنه من كبار الحفاظ.
وهو أبو حامد: أحمد بن حمدون بن أحمد بن رستم النيسابوري الأعمشي ، وإنما قيل له الأعمشي لأنه كان يعتني بجمع حديث [ ص: 744 ] وحفظه وكان يلقب الأعمش أبا تراب فاجتمع له لقبان في كنيته وفي نسبته ذكره في "التأريخ" وقال: الحاكم
كان من الحفاظ سمع بنيسابور وبمرو وهراة وجرجان والري وبغداد والكوفة والبصرة قال:
وكان مزاحا، سمعت أبا علي الحافظ غير مرة يقول: حدثنا أحمد بن حمدون إن حلت الرواية "عنه".
فقلت له يوما: هذا الذي تذكره في أبي تراب من جهة المجون الذي كان فيه أو لشيء أنكرته منه في الحديث؟ قال: في الحديث، فقلت له: ما الذي أنكرت عليه؟ فذكر أحاديث حدث بها غير معروفة. فقلت له: أبو تراب مظلوم في كل ما ذكرته. ثم لقيت ، فحدثته بمجلسي مع أبا الحسين الحجاجي أبي علي فقال: القول ما قلته. قال : فأما أنا، فقد تأملت أجزاء كثيرة بخطه كتبها لمشايخنا فلم أجد فيه حديثا يكون الحمل فيه عليه، وأحاديثه كلها مستقيمة، سمعت الحاكم يقول: حضرت مجلس أبا أحمد الحافظ إذ دخل أبي بكر ابن خزيمة أبو تراب الأعمشي فقال له أبو بكر : يا أبا حامد ! كم روى عن الأعمش عن أبي صالح ؟ فأخذ أبي سعيد أبو تراب يذكر الترجمة حتى فرغ منها وأبو بكر يتعجب من مذاكرته .
ثم ساق له عدة حكايات مما كان يمزح فيه، ثم قال: الحاكم
[ ص: 745 ] وإنما ذكرت هذه الحكايات لتعلم أن الذي أنكر عليه إنما هو المجون فأما الانحراف عن رسم أهل الصدق فلا.
قال: وقرأت بخط أبي الفضل الهاشمي : "مات أبو تراب الأعمشي في ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاث مئة".
قلت: فإذا كان هذا حال هذا الرجل، فلا ينبغي إطلاق التهمة عليه أصلا، حتى ولو قلدنا أبا علي الحافظ فيه، فإنما أشار إلى أنه أنكر عليه أحاديث وهم فيها، فراجعه بأنها لو كانت وهما ما عاود روايتها مرارا مع تيقظه وضبطه فوضح أنه لم يتهم بكذب أصلا ورأسا - والله أعلم - . الحاكم
وفي الجملة اللفظة المنكرة في الحكاية عن هي أنه قال: "لا أعلم في الباب غير هذا الحديث" وهي من البخاري في حال كتابته في علوم الحديث كما قدمناه (في كتب أحد عشرة فيها) وقد بينا أن الصواب أن الحاكم إنما قال: "لا أعلم في الدنيا بهذا الإسناد غير هذا الحديث وهو كلام مستقيم - والله أعلم - . البخاري