هجان اللون لم تقرأ جنينا
قال أكثر الناس: لم تجمع جنينا؛ أي: لم تضم رحمها على الجنين؛ وقال قطرب - في " قرآن " - قولين؛ أحدهما هذا؛ وهو المعروف الذي عليه أكثر الناس؛ والقول الآخر ليس بخارج من الصحة؛ وهو حسن؛ قال: " لم تقرأ جنينا " : لم تلقه مجموعا؛ وقال: يجوز أن يكون معنى " قرأت " : لفظت به [ ص: 171 ] مجموعا؛ كما أن " لفظت " ؛ من " اللفظ " ؛ اشتقاقه من " لفظت كذا وكذا " ؛ إذا ألقيته؛ فكأن " قرأت القرآن " : لفظت به مجموعا . وقوله - عز وجل -: مصدق لما معهم ؛ أي: يصدق بالتوراة؛ والإنجيل؛ ويخبرهم بما في كتبهم؛ مما لا يعلم إلا بوحي؛ أو قراءة كتب؛ وقد علموا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أميا لا يكتب؛ وقوله: وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا ؛ ضم " قبل " ؛ لأنها غاية؛ كان يدخلها بحق الإعراب الكسر؛ والفتح؛ فلما عدلت عن بابها بنيت على الضم؛ فبنيت على ما لم يكن يدخلها بحق الإعراب؛ وإنما عدلت عن بابها لأن أصلها الإضافة؛ فجعلت مفردة تنبئ عن الإضافة؛ المعنى: " وكانوا من قبل هذا " ؛ ومعنى: " يستفتحون على الذين كفروا " ؛ فيه قولان: قال بعضهم: كانوا يخبرون بصحة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وقيل: " وكانوا [من قبل] يستفتحون على الذين كفروا " : يستنصرون بذكر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ " فلما جاءهم ما عرفوا " ؛ أي: ما كانوا يستنصرون؛ وبصحته يخبرون؛ كفروا؛ وهم يوقنون أنهم متعمدون للشقاق؛ عداوة لله. وقوله - عز وجل -: فلعنة الله على الكافرين ؛ قد فسرنا اللعنة؛ وجواب " ولما جاءهم كتاب " ؛ محذوف؛ لأن معناه معروف؛ دل عليه " فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به " .