[ ص: 183 ] سورة "الطلاق"
مدنية
بسم الله الرحمن الرحيم
قوله - عز وجل -: يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن ؛ هذا خطاب للنبي - عليه السلام -؛ والمؤمنون داخلون معه في الخطاب؛ ومعناه: "إن أردتم الطلاق"؛ كما قال: إذا قمتم إلى الصلاة ؛ معناه: إذا أردتم القيام إلى الصلاة؛ وقوله: فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة ؛ فطلاق السنة (المجتمع عليه في قول أن يطلق الرجل امرأته طاهرا؛ من غير جماع؛ تطليقة واحدة؛ ثم يتركها؛ إذا أراد المقام على فراقها؛ ثلاث حيض؛ فإذا طعنت في الحيضة الثالثة فلا يملك رجعتها؛ ولكن إن شاء وشاءت أن يجددا نكاحا جديدا كان ذلك لهما؛ لأن معنى: مالك: لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ؛ أي: بعد الطلاق الواحد؛ فإذا طلقها ثلاثا في وقت واحد؛ فلا معنى في قوله: لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ؛ وإنما تفسيره الرجعة؛ أعني إذا وقع الثلاث في وقت واحد؛ وهذا قول - رحمه الله -؛ وقال أهل مالك العراق: إن طلقها طاهرا من غير جماع؛ ثم أوقع عند كل حيضة تطليقة؛ فهو أيضا عندهم طلاق السنة؛ وإن فعل ما قال فهو عندهم سنة أيضا؛ وقال مالك إذا طلقها طاهرا من غير جماع؛ فهو مطلق للسنة أيضا؛ طلق واحدة أو ثلاثا؛ وهذا يسقط معه؛ إذا كان ثلاثا؛ [ ص: 184 ] قوله: الشافعي: لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ؛ وقد جاء التشديد فيمن تعدى طلاق السنة؛ فقال: ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ؛ وقال: ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه ؛ يعني بحدود الله حدود طلاق السنة؛ وما ذكر مع الطلاق؛ وقوله: ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ؛ ويقرأ: "مبينة"؛ فجعل للمطلقات السكنى؛ وقيل: إن خروجهن من بيوتهن فاحشة؛ وقيل: "الفاحشة المبينة": الزنا؛ ودليل هذا القول قوله: واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم ؛ يعني الزنا؛ وقيل أيضا: إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ؛ زنا؛ أو سرق؛ أو شرب خمر؛ وقيل: كل ما يجب فيه الحد فهو فاحشة.