عطفوا علي بغير آ ... صرة فقد عظم الأواصر
أي: عطفوا علي بغير عهد قرابة؛ و " المأصر " ؛ من هذا مأخوذ؛ إنما هو عقد ليحبس به؛ ويقال للشيء الذي تعقد به الأشياء: " الإصار " ؛ فالمعنى: لا تحمل علينا أمرا يثقل كما حملته على الذين من قبلنا؛ نحو ما [ ص: 371 ] أمر به بنو إسرائيل من قتل أنفسهم؛ أي: لا تمتحنا بما يثقل أيضا؛ نحو قوله: ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ؛ والمعنى: لا تمتحنا بمحنة تثقل.
ومعنى: ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به أي: ما يثقل علينا؛ فإن قال قائل: فهل يجوز أن يحمل الله أحدا ما لا يطيق؟ قيل له: إن أردت ما ليس في قدرته البتة فهذا محال؛ وإن أردت ما يثقل ويخف؛ فلله - عز وجل - أن يفعل من ذلك ما أحب؛ لأن الذي كلفه بني إسرائيل من قتل أنفسهم يثقل؛ وهذا كقول القائل: " ما أطيق كلام فلان " ؛ فليس المعنى: ليس في قدرتي أن أكلمه؛ ولكن معناه في اللغة أنه يثقل علي.
ومعنى: فانصرنا على القوم الكافرين ؛ أي: انصرنا عليهم في إقامة الحجة عليهم؛ وفي غلبنا إياهم في حربهم؛ وسائر أمرهم؛ حتى تظهر ديننا على الدين كله؛ كما وعدتنا. [ ص: 372 ]