وقوله - عز وجل -: يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه ؛ " قتال " ؛ مخفوض على البدل من " الشهر الحرام " ؛ المعنى: يسألونك عن قتال في الشهر الحرام؛ وقد فسرنا ما في هذه الآية فيما مضى من الكتاب؛ ورفع قل قتال فيه كبير ؛ " قتال " ؛ مرتفع بالابتداء؛ و " كبير " ؛ خبره. [ ص: 290 ] ورفع وصد عن سبيل الله وكفر به ؛ على الابتداء؛ وخبر هذه الأشياء: أكبر عند الله ؛ والمعنى: وصد عن سبيل الله؛ وكفر به؛ وإخراج أهل المسجد الحرام منه؛ أكبر عند الله؛ أي: أعظم إثما.
والفتنة أكبر من القتل ؛ أي: والكفر أكبر من القتل؛ المعنى: وهذه الأشياء كفر؛ والكفر أكبر من القتل. وقوله - عز وجل -: ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر ؛ " يرتدد " ؛ جزم بالشرط؛ والتضعيف يظهر مع الجزم؛ لسكون الحرف الثاني؛ وهو أكثر في اللغة؛ وقرئ: " يا أيها الذين آمنوا من يرتد " ؛ بالإدغام؛ والفتح؛ وهي قراءة الناس؛ إلا أهل المدينة ؛ فإن في مصحفهم: " من يرتدد " ؛ وكلاهما صواب؛ والذي في سورة " البقرة " ؛ لا يجوز فيه إلا " من يرتدد " ؛ لإطباق أهل الأمصار على إظهار التضعيف؛ وكذلك هو في مصاحفهم؛ والقراءة سنة لا تخالف؛ إذا كان في كل المصحف الحرف على صورة؛ لم تجز القراءة بغيره؛ ويجوز أن تقول: " من يرتد منكم " ؛ فتكسر لالتقاء الساكنين؛ إلا أن الفتح أجود لانفتاح التاء؛ وإطباق القراء عليه.