وقوله - عز وجل -: ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر ؛ إذا شددت " لكن " ؛ نصبت " البر " ؛ وإذا خففت؛ رفعت " البر " ؛ فقلت: " ولكن البر من آمن بالله " ؛ وكسرت النون؛ من التخفيف لالتقاء الساكنين؛ والمعنى: " ولكن ذا البر من آمن بالله " ؛ ويجوز أن تكون: " ولكن البر بر من آمن بالله " ؛ كما قال الشاعر: [ ص: 247 ]
وكيف تواصل من أصبحت ... خلالته كأبي مرحب
المعنى: " كخلالة أبي مرحب " ؛ ومثله: واسأل القرية التي كنا فيها ؛ المعنى: " واسأل أهل القرية " . وقوله - عز وجل -: والموفون بعهدهم إذا عاهدوا ؛ في رفعها قولان؛ الأجود أن يكون مرفوعا على المدح؛ لأن النعت إذا طال وكثر؛ رفع بعضه؛ ونصب على المدح؛ المعنى: " هم الموفون بعهدهم " ؛ وجائز أن يكون معطوفا على " من " ؛ المعنى: " ولكن البر وذوي البر المؤمنون والموفون بعهدهم " . وقوله - عز وجل -: والصابرين ؛ في نصبها وجهان؛ أجودهما المدح؛ كما وصفنا في النعت إذا طال؛ المعنى: " أعني الصابرين " ؛ قال بعض النحويين: إنه معطوف على " ذوي القربى " ؛ كأنه قال: " وآتى المال على حبه ذوي القربى... والصابرين " ؛ وهذا لا يصلح؛ إلا أن يكون " والموفون " ؛ رفع على المدح للمضمرين؛ لأن " ما " ؛ في الصلة لا يعطف عليه بعد المعطوف على الموصول.
ومعنى " وحين البأس " : أي: شدة الحرب؛ يقال: " قد بأس الرجل يبأس؛ [ ص: 248 ] بأسا؛ وباسا؛ وبؤسا يا هذا " ؛ إذا افتقر؛ و " قد بؤس الرجل؛ يبؤس؛ فهو بئيس " ؛ إذا اشتدت شجاعته.