إن الشيطان لكم عدو [6]
ويكون عدو بمعنى معاد فيثنى ويجمع ويؤنث، ويكون بمعنى النسب فيكون موحدا بكل حال كما قال جل وعز: فإنهم عدو لي وفي المؤنث على هذا عدو أيضا، فأما قول بعض النحويين: إن الواو خفية فجاءوا بالهاء فخطأ بل الواو حرف جلد. فاتخذوه عدوا مفعولان. إنما يدعو حزبه كفت "ما" "إن" عن العمل فوقع بعدها الفعل ليكونوا من أصحاب السعير الذين كفروا [7].
[ ص: 362 ] يكون بدلا من "أصحاب" ويكون في موضع خفض، ويكون بدلا من حزبه فيكون في موضع نصب، أو يكون بدلا من الواو فيكون في موضع رفع، وقول رابع وهو أحسنها يكون في موضع رفع بالابتداء ويكون خبره لهم عذاب شديد فأما والذين آمنوا ففي موضع رفع بالابتداء وخبره لهم مغفرة وأجر كبير أفمن زين له سوء عمله [8].
"من" في موضع رفع بالابتداء وخبره محذوف لما دل عليه. قال : والذي دل عليه الكسائي فلا تذهب نفسك عليهم حسرات والمعنى أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا ذهبت نفسك عليهم حسرات، قال: وهذا كلام عربي حسن ظريف لا يعرفه إلا قليل. والذي قاله أحسن ما قيل في الآية لما ذكره فمن الدلالة على المحذوف، والمعنى أن الله جل وعز نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن شدة الاغتمام بهم والحزن عليهم، كما قال جل وعز: الكسائي لعلك باخع نفسك قال أهل التفسير: أي قاتل نفسك، وقرئ على عن إبراهيم بن موسى إسماعيل بن إسحاق ، قال: حدثنا نصر بن علي ، قال: سألت عن الأصمعي قول النبي صلى الله عليه وسلم في أهل اليمن: "هم أرق قلوبا وأبخع طاعة" ما معنى أبخع طاعة؟ قال: أنصح طاعة. قال: فقلت له: إن أهل التفسير وغيره يقولون في قول الله جل [ ص: 363 ] وعز "لعلك باخع نفسك" معناه قاتل نفسك فقال: هو من ذلك بعينه كأنه من شدة النصح لهم قاتل نفسه وقراءة مجاهدا أبي جعفر فلا تذهب نفسك والمعنيان متقاربان و"حسرات" منصوب على أنه مفعول من أجله أو مصدر.