وقال الذين كفروا أإذا كنا ترابا وآباؤنا أإنا لمخرجون [67]
هكذا يقرأ في هذه السورة وفي سورة العنكبوت، وقرأ نافع باستفهامين إلا أنه خفف الهمزة، وقرأ أبو عمرو عاصم باستفهامين أيضا إلا أنهما حققا الهمزتين. وكل ما ذكرناه في السورتين جميعا واحد، وقرأ وحمزة (أإذا) بهمزتين (أننا) بنونين في هذه السورة وفي سورة "العنكبوت" باستفهامين. القراءة الأولى (إذا كنا ترابا وآباؤنا أننا) موافقة للخط حسنة، وقد عارض فيها الكسائي أبو حاتم ، فقال: وهذا معنى كلامه "إذ" ليس باستفهام و"أئنا" استفهام وفيه "أن" فكيف يجوز أن يعمل ما في حيز الاستفهام فيما قبله، وكيف يجوز أن يعمل ما بعد "أن" فيما قبلها، وكيف يجوز غدا أن زيدا خارج، فإذا كان فيه استفهام كان أبعد، وهذا إذا سئل عنه كان مشكلا لما ذكره. قال : وسمعت أبو جعفر محمد بن الوليد يقول: سألنا عن آية من القرآن صعبة الإعراب مشكلة وهي قوله جل وعز: أبو العباس محمد بن يزيد وقال الذين كفروا هل ندلكم على رجل ينبئكم إذا مزقتم كل ممزق إنكم لفي خلق جديد فقال: إن عمل في [ ص: 220 ] "إذا" "ينبئكم" كان محالا لأنه لا ينبئهم ذلك الوقت، وإن عمل فيه ما بعد أن كان المعنى صحيحا، وكان خطأ في العربية أن يعمل ما بعد أن فيما قبلها، وهذا سؤال بين، ويجب أن يذكر في السورة التي هو فيها. فأما فمال إلى قراءة أبو عبيد ورد على من جمع بين استفهامين، واستدل بقول الله جل وعز: نافع أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم وبقوله جل وعز: أفإن مت فهم الخالدون وهذا الرد على أبي عمرو وعاصم وحمزة وطلحة لا يلزم منه شيء ولا يشبه ما جاء به من الآية شيئا، والفرق بينهما أن الشرط وجوابه بمنزلة شيء واحد، ومعنى "أفإن مت فهم الخالدون" أفإن مت خلدوا، ونظير هذا: أزيد منطلق ولا يقال: أزيد أمنطلق لأنهما بمنزلة شيء واحد، وليس كذا الآية، لأن الثاني جملة قائمة بنفسها فصلح فيها الاستفهام والأول كلام منفرد يصلح فيه الاستفهام، فأما من حذف الاستفهام من الثاني الاستفهام لأن في الكلام دليلا عليه لمعنى الإنكار. والأعرج