هذه قراءة أبي عمرو وعاصم ونافع ، وقرأ وحمزة الزهري وأبو جعفر وأبو عبد الرحمن وحميد وطلحة (ألا يا اسجدوا لله) القراءة الأولى هي إن دخلت عليها "وأن" في موضع نصب. قال والكسائي : المعنى لئلا يسجدوا. وقال الأخفش : المعنى فصدهم أن لا يسجدوا. وقال الكسائي علي بن سليمان : أن بدل من أعمالهم في موضع نصب. وقيل: موضعها خفض على البدل من السبيل، والقراءة الثانية بمعنى ألا يا هؤلاء اسجدوا، كما قال:
ألا يا اسلمي يا دار مي على البلى ولا زال منهلا بجرعائك القطر
وقال آخر: [ ص: 207 ]
يا لعنة الله والأقوام كلهم والصالحين على سمعان من جار
والمعنى: يا هؤلاء لعنة الله. قال : وهذا موجود في كلام العرب إلا أنه غير معتاد أن يقال: يا قدم زيد، والقراءة به بعيدة لأن الكلام يكون معترضا. والقراءة الأولى يكون الكلام بها متسقا، وأيضا السواد على غير هذه القراءة؛ لأنه قد حذف منها ألفان وإنما يختصر مثل هذا بحذف ألف واحدة نحو أبو جعفر يا عيسى ابن مريم الذي يخرج الخبء في السماوات والأرض والوقف عليه بتسكين الهمزة، وإذا كان في موضع رفع جاز الضم والإشمام ولا يجوز التضعيف، وحكى أبو حاتم أن قرأ (الذي يخرج الخبا في السماوات والأرض) بألف غير مهموزة، وزعم أن هذا لا يجوز في العربية واعتل بأنه إن خفف الهمزة ألقى حركتها على الباء وحذفها فقال: "الخب في السماوات" وأنه إن حول الهمزة قال "الخبي" بإسكان الباء وبعدها ياء. قال عكرمة : قوله: لا يجوز "الخبا" وسمعت أبو جعفر علي بن سليمان يقول: سمعت يقول: كان دون أصحابه في النحو، ولم يلحق بهم، يعني محمد بن يزيد أبا حاتم إلا أنه إذا خرج من بلده لم يلق أعلم منه. حكى عن سيبويه العرب أنها تبدل من الهمزة ألفا إذا.
[ ص: 208 ] كان قبلها ساكن وكانت مفتوحة وتبدل منها واوا إذا كان قبلها ساكن وكانت مضمومة، وتبدل منها ياء إذا كان قبلها ساكن وكانت مكسورة، وإنه يقال: هذا الوثو، وعجبت من الوثى، ورأيت الوثا. وهذا من وثئت يده، وكذلك هذا الخبو، وعجبت من الخبي، ورأيت الخبا. وإنما فعل هذا لأن الهمزة خفيفة فأبدلت منها هذه الحروف. وحكى عن قوم من سيبويه بني تميم وبني أسد أنهم يقولون: هذا الخبوء فيضمون الساكن إذا كانت الهمزة مضمومة، ويثبتون الهمزة ويكسرون الساكن إذا كانت الهمزة مكسورة، ويفتحون الساكن إذا كانت الهمزة مفتوحة. وحكى أيضا أنهم يكسرون وإن كانت الهمزة مضمومة إلا أن هذا عن بني تميم، فيقولون: هذا الردي، وزعم أنهم لم يضموا الدال لأنهم كرهوا ضمة قبلها كسرة لأنه ليس في الكلام فعل. وهذا كله لغات داخلة على اللغة التي قرأ بها الجماعة. سيبويه