من أسرى، وأن اسر من سرى لغتان فصيحتان. فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا لا تخاف دركا قراءة أهل الحرمين وأبي عمرو وعاصم وقرأ والكسائي، الأعمش (لا تخف دركا) والقراءة الأولى أبين لأنه بعده (ولا تخشى) مجمع عليه بلا جزم. فالقراءة الأولى فيها ثلاث تقديرات: يكون في موضع الحال، وفي موضع النعت لطريق على حذف فيه، ومقطوعة من الأول. والقراءة الثانية فيها تقديران: أحدهما الجزم على النهي، والآخر الجزم على جواب الأمر وهو فاضرب. فأما "ولا تخشى" إذا جزمت لا تخف فللنحويين فيه. وحمزة
[ ص: 51 ] تقديران: أحدهما وهو الذي لا يجوز غيره أن يكون مقطوعا من الأول، مثل { يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون }، والتقدير الآخر ذكره أن يكون "ولا تخشى" ينوى به الجزم وتثبت فيه الياء. زعم كما قال الشاعر : الفراء
298 - هجوت زبان ثم جئت معتذرا من سب زبان لم تهجو ولم تدع
وأنشد :
299 - ألم يأتيك والأنباء تنمي بما لاقت لبون بني زياد
قال هذا من أقبح الغلط أن يحمل كتاب الله جل وعز على شذوذ من الشعر، وأيضا فإن الذي جاء به من الشعر لا يشبه من الآية شيئا؛ لأن الواو والياء مخالفتان للألف؛ لأنهما تتحركان والألف لا تتحرك فللشاعر إذا اضطر أن يقدرهما متحركتين ثم يحذف الحركة للجزم، وهذا محال في الألف. وأيضا فليس في البيتين اضطرار يوجب هذا لأنهما إذا رويا بحذف الواو والياء كانا وزنا صحيحا من البسيط والوافر. يسمي أبو جعفر: الأول مطويا والثاني منقوصا. الخليل