[ ص: 1928 ] ولقد ذكر الله تعالى، ولذا قال سبحانه: أنه سبحانه يحب توبة عبده وجزاءه، ولا يرضى لعباده الكفر وعقابه،
* * *
ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم وكان الله شاكرا عليما
* * *
الاستفهام هنا للنفي، والمعنى ما الذي يفعله الله تعالى راضيا به محبا له بعذابكم وآلامكم إن شكرتم نعمته، وأديتم حقها حق الأداء فآمنتم به، ومن الإيمان به تصديق رسله وإجابتهم وإطاعتهم؟! أي أنه سبحانه لا يفعل بكم شيئا من العذاب ولا الإيلام في الآخرة إن كان منكم الشكر والإيمان، بل إنه سبحانه وتعالى مجازيكم شاكرا لكم توبتكم بعد الكفر، وطاعتكم بعد العصيان، ولذا قال سبحانه:
وكان الله شاكرا عليما أي إنه من صفات الله تعالى، وشأنه الدائم أنه مثيب الطائع، عليم بموضع طاعته، وما تخفي الصدور، فالآية ذيلت بما يدل على الثواب والنعيم لأهل الإيمان، ومن ينضم إليهم من التائبين، وفي الآية الكريمة ثلاث إشارات بيانية:
الأولى: التعبير بالاستفهام للإشارة إلى وأنه يجب على عباده أن يعرفوا ذلك ويدركوه، وأنه ليس من المعقول مع حكمته تعالى، وكريم وعده ألا يعطي عاملا عملا طيبا جزاء عمله. أن الله تعالى رتب الجزاء على العمل،
الثانية: تقديم الشكر على الإيمان، في قوله تعالى: إن شكرتم وآمنتم
ذلك أن الرجل الذي يتجه إلى الخير تكون نفسه مدركة للنعم التي أنعم الله بها على عباده، شاكرا لأنعمه، قادرا لها حق قدرها، فيكون ذلك سبيلا لطلب الحقيقة فيكون الإيمان، فالشكر يؤدي إلى الإيمان، والإيمان يؤدي إلى أعظم الشكر.
الثالثة: أن الله تعالت عظمته سمى ثواب الطائعين شكرا منه، وذلك إجلال للطاعة، وتشريف للمطيع، ومنة وفضل منه سبحانه فوق منته وفضله، وأن هذا تعليم لنا لنشكر للمحسن فضل الله، اللهم اهدنا إلى أن نشكر لك في ضرائنا وسرائنا، إنك نعم المولى ونعم النصير.
* * *