[ ص: 17 ] (الافتتاحية )
الحمد لله رب العالمين الذي أرسل بالحق
محمدا صلى الله تعالى عليه وسلم هاديا ومبشرا ونذيرا ، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، وعلى آله الأطهار وصحابته الأبرار .
أما بعد ، فقد كانت معجزة هذا الرسول الأمين ، خاتم النبيين تتناسب مع امتداد زمانها إلى يوم الدين ، كانت خالدة باقية بخلودها ، فكانت كلاما معجزا يتحدى الأجيال كلها ، إنسها وجنها أن يأتوا بمثلها :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا .
وفيه علاج النفس ، وطبها ودواؤها ، وغذاؤها
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=57يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ، وهو برهان رسالة
محمد - صلى الله عليه وسلم - ونورها المبين
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=174يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنـزلنا إليكم نورا مبينا .
وإن الرسل السابقين كانت لهم معجزات تقرع الحس ، ولكنها انقضت بانقضاء زمانها ، ولولا أن القرآن الكريم سجلها ما علمها أحد ، أما القرآن فباق إلى يوم
[ ص: 18 ] الدين ، وأحسب أنه حجة الأديان السماوية كلها ، فلولا القرآن ما عرفت المسيحية الحق ، ولطويت في وسط الأوهام والخرافات التي اعترت العقل النصراني .
وإنا والحمد لله قد شغفنا حبا بالقرآن وتعرف أسراره ما استطعنا إلى ذلك سبيلا ، وما وسعه وقتنا ، وكنا ونحن نتلوه ، ونتعرف ما يمكن أن نسمو إلى معرفته من معانيه نجد أمرين :
أولهما : أن كتب التفسير المطولة تبعثر المعاني السامية منه - وكل معانيه سامية - وسط مضطرب من الأقوال في علم الكلام ومذاهبه ، وآراء الفقهاء واستدلال كل صاحب مذهب على مذهبه ، فوجدنا بعض التفسيرات يتجه إلى الإعراب ، ومذاهب النحويين ، والمعاني الروحية السامية للقرآن تتمزق بأوجه الإعراب ، والقرآن المعجز وراء ذلك مستور بغشاء من الجدل والاختلاف وتوجيه الأقوال . والموجزات من التفسير يتجلى فيها القرآن مشرقا نيرا كما هو في ذاته ، ولكن لا تخلو من توجيه النص القرآني بالمذهب الأشعري أو المعتزلي وإن كانت لا تثير جدلا حول المعاني القرآنية إلا قليلا .
ثانيهما : أننا وجدنا تطابق أقوال المفسرين في فهم آيات لا نرى أنها متفقة مع المبادئ المقررة في القرآن كأقوال المفسرين في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أهم يقسمون رحمت ربك نحن قسمنا بينهم معيشتهم في الحياة الدنيا ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا ورحمت ربك خير مما يجمعون ، وتفسيرها على أنها تبين رفعة الأغنياء على الفقراء ، وما ذلك بصحيح في المبادئ الإسلامية ، ولا المقررات الدينية . وكذلك قول المفسرين إلى عهد الحافظ
ابن كثير في تفسير الآيات
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=36وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا ، وقد أجمع الأكثرون قبل الحافظ على أنها في عشق النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=15953لزينب بنت جحش ، وما كان لنا إلا أن نصحح المعاني ونقول الحق الذي يناسب علو القرآن وكمال الرسالة مخالفين هؤلاء ، فكتاب الله أعلى من أقوالهم ، ومقام الرسول الأمثل أعلى من أقوالهم ، ولو
[ ص: 19 ] تطابقوا عليها مع مخالفة هذه الأقوال للنصوص ، وتجافيها عنها بمقدار تجافيها عن الحق ، حتى وجد المضللون الذريعة لأن يقولوا : النبي العاشق ، فضلوا وأضلوا كثيرا .
من أجل هذا تسامينا بما فوق طاقتنا ، واستخرنا الله تعالى ، وكتبنا معاني الذكر الحكيم ، كما أدركت عقولنا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، ولا يكلف إنسان فوق طاقته ، وإننا نقارب ونسدد .
وإنه يجب أن ننبه إلى أمور ثلاثة :
أولها : أننا لا نتجه إلى الأغاريب إلا إذا اضطررنا لتوجيه المعاني وتقريب الناس من إدراكها ، وإن ذلك نادر ، وليس بالكثير .
ثانيها : أننا لا نذكر من القراءات المختلفة إلا إذا ترتب على اختلافها اختلاف في المعاني ، فنذكرها كلها ، على أنها كلها قرآن ، وأن هذه المعاني كلها مقصود في القرآن السامي ، ودليل على إعجازه .
ثالثها : أننا في بعض المواضع نأتي بالكلام مطنبا ، وذلك لنقرب الناس من معاني القرآن التي تكون موجزة في ألفاظها ثرية في معانيها ، فنحاول أن نقرب الناس من هذه المعاني ; لأنه ليس عندنا طاقة هذا الإيجاز البليغ الذي هو من دلائل الإعجاز .
هذا وإنا لا نحاول فيما يتعلق بالكون أن نحمل الألفاظ السامية فوق ما تحتمل أو غير ما تحتمل .
اللهم نسألك التوفيق ، فلولا توفيقك ما اهتدينا ، ولا وصلنا إلى غاية . إنك أنت السميع البصير ، ولا نستمد العون إلا منك ، وإنك نعم المعين .
* * *
[ ص: 20 ]
[ ص: 17 ] (الِافْتِتَاحِيَّةُ )
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ الَّذِي أَرْسَلَ بِالْحَقِّ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَادِيًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ، وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا ، وَعَلَى آلِهِ الْأَطْهَارِ وَصَحَابَتِهِ الْأَبْرَارِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَقَدْ كَانَتْ مُعْجِزَةُ هَذَا الرَّسُولِ الْأَمِينِ ، خَاتَمِ النَّبِيِّينَ تَتَنَاسَبُ مَعَ امْتِدَادِ زَمَانِهَا إِلَى يَوْمِ الدِّينِ ، كَانَتْ خَالِدَةً بَاقِيَةً بِخُلُودِهَا ، فَكَانَتْ كَلَامًا مُعْجِزًا يَتَحَدَّى الْأَجْيَالَ كُلَّهَا ، إِنْسَهَا وَجِنَّهَا أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=88قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا .
وَفِيهِ عِلَاجُ النَّفْسِ ، وَطِبُّهَا وَدَوَاؤُهَا ، وَغِذَاؤُهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=10&ayano=57يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ ، وَهُوَ بُرْهَانُ رِسَالَةِ
مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنُورُهَا الْمُبِينُ
nindex.php?page=tafseer&surano=4&ayano=174يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْـزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُورًا مُبِينًا .
وَإِنَّ الرُّسُلَ السَّابِقِينَ كَانَتْ لَهُمْ مُعْجِزَاتٌ تَقْرَعُ الْحِسَّ ، وَلَكِنَّهَا انْقَضَتْ بِانْقِضَاءِ زَمَانِهَا ، وَلَوْلَا أَنَّ الْقُرْآنَ الْكَرِيمَ سَجَّلَهَا مَا عَلِمَهَا أَحَدٌ ، أَمَّا الْقُرْآنُ فَبَاقٍ إِلَى يَوْمِ
[ ص: 18 ] الدِّينِ ، وَأَحْسَبُ أَنَّهُ حُجَّةُ الْأَدْيَانِ السَّمَاوِيَّةِ كُلِّهَا ، فَلَوْلَا الْقُرْآنُ مَا عَرَفَتِ الْمَسِيحِيَّةُ الْحَقَّ ، وَلَطُوِيَتْ فِي وَسَطِ الْأَوْهَامِ وَالْخُرَافَاتِ الَّتِي اعْتَرَتِ الْعَقْلَ النَّصْرَانِيَّ .
وَإِنَّا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَدْ شُغِفْنَا حُبًّا بِالْقُرْآنِ وَتَعَرُّفِ أَسْرَارِهِ مَا اسْتَطَعْنَا إِلَى ذَلِكَ سَبِيلًا ، وَمَا وَسِعَهُ وَقْتُنَا ، وَكُنَّا وَنَحْنُ نَتْلُوهُ ، وَنَتَعَرَّفُ مَا يُمْكِنُ أَنْ نَسْمُوَ إِلَى مَعْرِفَتِهِ مِنْ مَعَانِيهِ نَجِدُ أَمْرَيْنِ :
أَوَّلُهُمَا : أَنَّ كُتُبَ التَّفْسِيرِ الْمُطَوَّلَةَ تُبَعْثِرُ الْمَعَانِيَ السَّامِيَةَ مِنْهُ - وَكُلُّ مَعَانِيهِ سَامِيَةٌ - وَسَطَ مُضْطَرِبٍ مِنَ الْأَقْوَالِ فِي عِلْمِ الْكَلَامِ وَمَذَاهِبِهِ ، وَآرَاءِ الْفُقَهَاءِ وَاسْتِدْلَالِ كُلِّ صَاحِبِ مَذْهَبٍ عَلَى مَذْهَبِهِ ، فَوَجَدْنَا بَعْضَ التَّفْسِيرَاتِ يَتَّجِهُ إِلَى الْإِعْرَابِ ، وَمَذَاهِبِ النَّحْوِيِّينَ ، وَالْمَعَانِي الرُّوحِيَّةُ السَّامِيَةُ لِلْقُرْآنِ تَتَمَزَّقُ بِأَوْجُهِ الْإِعْرَابِ ، وَالْقُرْآنُ الْمُعْجِزُ وَرَاءَ ذَلِكَ مَسْتُورٌ بِغِشَاءٍ مِنَ الْجَدَلِ وَالِاخْتِلَافِ وَتَوْجِيهِ الْأَقْوَالِ . وَالْمُوجَزَاتُ مِنَ التَّفْسِيرِ يَتَجَلَّى فِيهَا الْقُرْآنُ مُشْرِقًا نَيِّرًا كَمَا هُوَ فِي ذَاتِهِ ، وَلَكِنْ لَا تَخْلُو مِنْ تَوْجِيهِ النَّصِّ الْقُرْآنِيِّ بِالْمَذْهَبِ الْأَشْعَرِيِّ أَوِ الْمُعْتَزِلِيِّ وَإِنْ كَانَتْ لَا تُثِيرُ جَدَلًا حَوْلَ الْمَعَانِي الْقُرْآنِيَّةِ إِلَّا قَلِيلًا .
ثَانِيهِمَا : أَنَّنَا وَجَدْنَا تَطَابُقَ أَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ فِي فَهْمِ آيَاتٍ لَا نَرَى أَنَّهَا مُتَّفِقَةٌ مَعَ الْمَبَادِئِ الْمُقَرَّرَةِ فِي الْقُرْآنِ كَأَقْوَالِ الْمُفَسِّرِينَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ، وَتَفْسِيرُهَا عَلَى أَنَّهَا تُبَيِّنُ رِفْعَةَ الْأَغْنِيَاءِ عَلَى الْفُقَرَاءِ ، وَمَا ذَلِكَ بِصَحِيحٍ فِي الْمَبَادِئِ الْإِسْلَامِيَّةِ ، وَلَا الْمُقَرَّرَاتِ الدِّينِيَّةِ . وَكَذَلِكَ قَوْلُ الْمُفَسِّرِينَ إِلَى عَهْدِ الْحَافِظِ
ابْنِ كَثِيرٍ فِي تَفْسِيرِ الْآيَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=36وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْأَكْثَرُونَ قَبْلَ الْحَافِظِ عَلَى أَنَّهَا فِي عِشْقِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -
nindex.php?page=showalam&ids=15953لِزَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ ، وَمَا كَانَ لَنَا إِلَّا أَنْ نُصَحِّحَ الْمَعَانِيَ وَنَقُولَ الْحَقَّ الَّذِي يُنَاسِبُ عُلُوَّ الْقُرْآنِ وَكَمَالَ الرِّسَالَةِ مُخَالِفِينَ هَؤُلَاءِ ، فَكِتَابُ اللَّهِ أَعْلَى مِنْ أَقْوَالِهِمْ ، وَمَقَامُ الرَّسُولِ الْأَمْثَلِ أَعْلَى مِنْ أَقْوَالِهِمْ ، وَلَوْ
[ ص: 19 ] تَطَابَقُوا عَلَيْهَا مَعَ مُخَالَفَةِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ لِلنُّصُوصِ ، وَتَجَافِيهَا عَنْهَا بِمِقْدَارِ تَجَافِيهَا عَنِ الْحَقِّ ، حَتَّى وَجَدَ الْمُضَلِّلُونَ الذَّرِيعَةَ لِأَنْ يَقُولُوا : النَّبِيُّ الْعَاشِقُ ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا كَثِيرًا .
مِنْ أَجْلِ هَذَا تَسَامَيْنَا بِمَا فَوْقَ طَاقَتِنَا ، وَاسْتَخَرْنَا اللَّهَ تَعَالَى ، وَكَتَبْنَا مَعَانِيَ الذِّكْرِ الْحَكِيمِ ، كَمَا أَدْرَكَتْ عُقُولُنَا ،
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=286لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا ، وَلَا يُكَلَّفُ إِنْسَانٌ فَوْقَ طَاقَتِهِ ، وَإِنَّنَا نُقَارِبُ وَنُسَدِّدُ .
وَإِنَّهُ يَجِبُ أَنْ نُنَبِّهَ إِلَى أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ :
أَوَّلُهَا : أَنَّنَا لَا نَتَّجِهُ إِلَى الْأَغَارِيبِ إِلَّا إِذَا اضْطُرِرْنَا لِتَوْجِيهِ الْمَعَانِي وَتَقْرِيبِ النَّاسِ مِنْ إِدْرَاكِهَا ، وَإِنَّ ذَلِكَ نَادِرٌ ، وَلَيْسَ بِالْكَثِيرِ .
ثَانِيهَا : أَنَّنَا لَا نَذْكُرُ مِنَ الْقِرَاءَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ إِلَّا إِذَا تَرَتَّبَ عَلَى اخْتِلَافِهَا اخْتِلَافٌ فِي الْمَعَانِي ، فَنَذْكُرُهَا كُلَّهَا ، عَلَى أَنَّهَا كُلَّهَا قُرْآنٌ ، وَأَنَّ هَذِهِ الْمَعَانِيَ كُلَّهَا مَقْصُودٌ فِي الْقُرْآنِ السَّامِي ، وَدَلِيلٌ عَلَى إِعْجَازِهِ .
ثَالِثُهَا : أَنَّنَا فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ نَأْتِي بِالْكَلَامِ مُطْنَبًا ، وَذَلِكَ لِنُقَرِّبَ النَّاسَ مِنْ مَعَانِي الْقُرْآنِ الَّتِي تَكُونُ مُوجَزَةً فِي أَلْفَاظِهَا ثَرِيَّةً فِي مَعَانِيهَا ، فَنُحَاوِلُ أَنَّ نُقَرِّبَ النَّاسَ مِنْ هَذِهِ الْمَعَانِي ; لِأَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَنَا طَاقَةُ هَذَا الْإِيجَازِ الْبَلِيغِ الَّذِي هُوَ مِنْ دَلَائِلِ الْإِعْجَازِ .
هَذَا وَإِنَّا لَا نُحَاوِلُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْكَوْنِ أَنْ نُحَمِّلَ الْأَلْفَاظَ السَّامِيَةَ فَوْقَ مَا تَحْتَمِلُ أَوْ غَيْرَ مَا تَحْتَمِلُ .
اللَّهُمَّ نَسْأَلُكَ التَّوْفِيقَ ، فَلَوْلَا تَوْفِيقُكَ مَا اهْتَدَيْنَا ، وَلَا وَصَلْنَا إِلَى غَايَةٍ . إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ، وَلَا نَسْتَمِدُّ الْعَوْنَ إِلَّا مِنْكَ ، وَإِنَّكَ نِعْمَ الْمُعِينُ .
* * *
[ ص: 20 ]