من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها وكان الله على كل شيء مقيتا
* * *
أصل الشفاعة والشفعة ونحوها، من الشفع، وهو الزوج في العدد، ومنه الشفيع لأنه يصير مع صاحب الحاجة شفعا، فالشفاعة إذن هي ضم غيرك إلى جاهك ووسيلتك، للوصول إلى مصلحة ترغبانها، فهي على التحقيق إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفع، وإيصال المنفعة إلى المشفوع له، والشفاعة الحسنة هي ما تكون في البر والطاعة، والشفاعة السيئة هي ما تكون في المعاصي، فمن شفع شفاعة حسنة ليصلح بين اثنين استوجب الأجر، ومن سعى في غير طاعة، فقد أثم واستوجب العقاب.
يقول في "حقائق التنزيل": الشفاعة الحسنة هي التي روعي بها حق مسلم ، ودفع بها عنه شر، وابتغي بها وجه الله، ولم تؤخذ عليها رشوة، وكانت في أمر جائز، وليست في حد من حدود الله ولا في حق من الحقوق، ولكل منها نصيب من الأجر، بقدر ما فيه من طاعة أو معصية. الزمخشري
وقد حث النبي -صلى الله عليه وسلم- على إذ يقول عليه الصلاة والسلام: الشفاعة لقضاء الحوائج، والتعاون على البر والتقوى، [ ص: 1785 ] "اشفعوا فلتؤجروا، وليقض الله على لسان نبيه ما أحب". وكان الله على كل شيء مقيتا المقيت هو الحافظ المقتدر، الذي يعطي كل إنسان قوته وقوته، فهو يجازي كل إنسان بقدر ما حفظ له من عمل، وهو يقيت الجائع، ويعين من استعان به، فالرزق الذي هو القوت من عنده، والعافية التي هي القوة بسلطانه وبأمره، وكل شيء عنده بمقدار.
* * *