قوله تعالى : " وإذ تأذن ربكم " مذكور في (الأعراف :167) .
وفي قوله : " لئن شكرتم لأزيدنكم " ثلاثة أقوال :
أحدها : لئن شكرتم نعمي لأزيدنكم من طاعتي ، قاله . الحسن
والثاني : لئن شكرتم إنعامي لأزيدنكم من فضلي ، قاله . الربيع
والثالث : لئن وحدتموني لأزيدنكم خيرا في الدنيا ، قاله . مقاتل
وفي قوله : " ولئن كفرتم " قولان :
أحدهما : أنه كفر بالتوحيد . والثاني : كفران النعم .
قوله تعالى : " فإن الله لغني حميد " أي : غني عن خلقه ، محمود في أفعاله ، لأنه إما متفضل بفعله ، أو عادل .
[ ص: 348 ] قوله تعالى : " لا يعلمهم إلا الله " قال : أي : لا يحصي عددهم إلا هو ، على أن الله تعالى أهلك أمما من ابن الأنباري العرب وغيرها ، فانقطعت أخبارهم ، وعفت آثارهم ، فليس يعلمهم أحد إلا الله .
قوله تعالى : " فردوا أيديهم في أفواههم " فيه سبعة أقوال :
أحدها : أنهم عضوا أصابعهم غيظا ، قاله ، ابن مسعود . وقال وابن زيد : " في " هاهنا بمعنى : " إلى " ، ومعنى الكلام : عضوا عليها حنقا وغيظا ، كما قال الشاعر : ابن قتيبة
يردون في فيه عشر الحسود
يعني : أنهم يغيظون الحسود حتى يعض على أصابعه العشر ، ونحوه قول الهذلي :
قد أفنى أنامله أزمه فأضحى يعض علي الوظيفا
يقول : قد أكل أصابعه حتى أفناها بالعض ، فأضحى يعض علي وظيف الذراع .
والثاني : أنهم كانوا إذا جاءهم الرسول فقال : إني رسول ، قالوا له : اسكت ، وأشاروا بأصابعهم إلى أفواه أنفسهم ، ردا عليه وتكذيبا ، رواه عن أبو صالح . ابن عباس
[ ص: 349 ] والثالث : أنهم لما سمعوا كتاب الله ، عجوا ورجعوا بأيديهم إلى أفواههم ، رواه عن العوفي . ابن عباس
والرابع : أنهم وضعوا أيديهم على أفواه الرسل . ردا لقولهم ، قاله . الحسن
والخامس : أنهم كذبوهم بأفواههم ، وردوا عليهم قولهم ، قاله ، مجاهد . وقتادة
والسادس : أنه مثل ، ومعناه : أنهم كفوا عما أمروا بقبوله من الحق ، ولم يؤمنوا به . يقال : رد فلان يده إلى فمه ، أي : أمسك فلم يجب ، قاله . أبو عبيدة
والسابع : ردوا ما لو قبلوه لكان نعما وأيادي من الله ، فتكون الأيدي بمعنى : الأيادي ، و " في " بمعنى : الباء ، والمعنى : ردوا الأيادي بأفواههم ، ذكره ، وقال : قد وجدنا من الفراء العرب من يجعل " في " موضع الباء ، فيقول : أدخلك الله بالجنة ، يريد : في الجنة ، وأنشدني بعضهم :
وأرغب فيها عن لقيط ورهطه ولكنني عن سنبس لست أرغب
فقال : أرغب فيها ، يعني : بنتا له ، يريد : أرغب بها ، وسنبس : قبيلة .
قوله تعالى : " وقالوا إنا كفرنا بما أرسلتم به " أي : على زعمكم أنكم أرسلتم ، لا أنهم أقروا بإرسالهم . وباقي الآية قد سبق تفسيره [هود :62] . " قالت رسلهم أفي الله شك " هذا استفهام إنكار ، والمعنى : لا شك في الله ، أي : في [ ص: 350 ] توحيده " يدعوكم " بالرسل والكتب " ليغفر لكم من ذنوبكم " قال : " من " زائدة ، كقوله : أبو عبيدة فما منكم من أحد عنه حاجزين [الحاقة :47] ، قال أبو ذؤيب :
جزيتك ضعف الحب لما شكوته وما إن جزاك الضعف من أحد قبلي
أي : أحد . وقوله : " ويؤخركم إلى أجل مسمى " وهو الموت ، والمعنى : لا يعاجلكم بالعذاب . " قالوا " للرسل " إن أنتم " أي : ما أنتم " إلا بشر مثلنا " أي : ليس لكم علينا فضل ، والسلطان : الحجة ، قالت الرسل : " إن نحن إلا بشر مثلكم " فاعترفوا لهم بذلك ، " ولكن الله يمن على من يشاء " يعنون : بالنبوة والرسالة ، " وما كان لنا أن نأتيكم بسلطان إلا بإذن الله " أي : ليس ذلك من قبل أنفسنا .
قوله تعالى : " وقد هدانا سبلنا " فيه قولان :
أحدهما : بين لنا رشدنا . والثاني : عرفنا طريق التوكل . وإنما قص هذا وأمثاله على نبينا صلى الله عليه وسلم ليقتدي بمن قبله في الصبر ، وليعلم ما جرى لهم .
قوله تعالى : " لنهلكن الظالمين " يعني : الكافرين بالرسل . وقوله تعالى : " من بعدهم " أي : بعد هلاكهم ، " ذلك " الإسكان " لمن خاف مقامي " قال : خاف مقامه بين يدي . قال ابن عباس : الفراء العرب قد تضيف أفعالها إلى أنفسها ، وإلى ما أوقعت عليه ، فتقول : قد ندمت على ضربي إياك ، وندمت على ضربك ، فهذا من ذاك ، ومثله وتجعلون رزقكم [الواقعة :82] أي : رزقي إياكم .
[ ص: 351 ] قوله تعالى : " وخاف وعيد " أثبت ياء " وعيدي " في الحالين يعقوب ، وتابعه في الوصل . ورش