وأما المسألة الثانية وهي قوله وبغير مميز بين ضاد وظاء خلاف والمعنى أنه اختلف في على قولين مشهورين ، وقد علمت مما تقدم أن الذي وقع في كلام أكثر الشيوخ أن الصلاة صحيحة بل تقدم في كلام صلاة من اقتدى بمن لا يميز بين الضاد والظاء ابن رشد أنه لا خلاف في ذلك ولم يقل بالبطلان في ذلك إلا القابسي والشيخ وعنهما نقل البطلان في التوضيح وإنما قال ابن أبي زيد المصنف خلاف لتصحيح ابن يونس لقول وعبد الحق القابسي كما تقدم لكن القول بالصحة هنا أقوى لحكاية ابن رشد الاتفاق عليه فتأمله .
( تنبيهان الأول ) لا إشكال في صحة من لم يميز بين الضاد والظاء على القول الراجح بصحة صلاة المقتدى به وكذلك على قول القابسي لقول وابن أبي زيد ابن يونس فيما تقدم إلا أن يستوي حالهما وهذا مع العجز عن التعلم ، والاقتداء ظاهر لا شك فيه وأما مع إمكان ذلك فيجري فيه الخلاف السابق ، والظاهر في هذا أنه من اللحن الخفي وأنه لا تبطل به إلا مع ترك ذلك عمدا مع القدرة عليه كما تقدم في اللحن ، والله أعلم .
( الثاني ) قال القاضي أبو حفص عمر بن مكي الصقلي في كتاب تثقيف اللسان في باب ما يغلط فيه قراء القرآن وهو كتاب جليل ينقل عنه والقاضي المازري عياض وغيرهم ما نصه : " سألت أبا علي الجلولي عن فقال تكره الصلاة خلفه ; لأنه قد خرق الإجماع وقرأ بما لم يقرأ به أحد ، وقال لنا الشيخ الصلاة خلف من يظهر النون الخفيفة والتنوين عند الياء والواو : رأى بعض أهل العلم أن اللحن الذي لا يجوز مثل إظهار هذه النون الخفيفة والتنوين عند الياء والواو وتبديل الضاد ظاء والظاء ضادا أو أشباه ذلك إن كان في غير أم القرآن أن الصلاة خلف القارئ لذلك جائزة قال ومنع أبو محمد عبد الحق أبو الحسن القابسي من الصلاة خلفه وإن كان لحنه في غير أم القرآن ، قال الشيخ أبو محمد : وهذا صحيح ; لأنه إذا غير القرآن كان متكلما في الصلاة ، إذ كلام الله غير ملحون فليس الذي تكلم به كلام الله وإنما هو كلامه فصار كمن تكلم به في الصلاة متعمدا انتهى .