[ ص: 345 ] نكاح الأمة 1942 - مسألة : وإذا كانت ، وقد بطل خيارها ، وعليها العدة في اختيارها فراقه كعدة الطلاق - وليس في شيء من وجوه الفسخ عدة أصلا إلا في هذا المكان - وعدة الوفاة في موت الزوج فقط ، فإن أرادا جميعا أن يتناكحا لم يجز إلا برضاهما ، وبإشهاد ، وصداق ، وولي ، وله ذلك في عدتها ، وليس ذلك لغيره حتى تتم عدتها ، ولا يسقط خيارها إذا أعتقت طول بقائها معه ولا وطؤه لها برضاها ، أو بغير رضاها ، ولا علمها بأن الخيار لها فإذا أوقفت فلا بد لها من أن تختار فراقه أو البقاء معه ولا تترك تتأنى في ذلك أصلا . مملوكة لها زوج عبد أو حر - ولو أنه قرشي - فأعتقت في واجب ، أو تطوع ، أو بتمام أداء مكاتبتها ، أو بأي وجه عتقت ، فإنها تخير ، فإن اختارت فراقه فلها ذلك ، وإن اختارت أن تقر عنده فلها ذلك
برهان ذلك : { بريرة إذ أعتقتها عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها } . فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخييره
وفي سائر ما ذكرنا خلاف - : قال قوم : إنها تخير تحت العبد ، ولا تخير تحت الحر .
وروينا من طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن عبيد الله بن عمر عن نافع قال : إن أعتقت تحت حر فلا خيار لها . ابن عمر
وصح عن الحسن ، والزهري ، ، وأبي قلابة ، وعطاء وصفية بنت أبي عبيد ، ، [ ص: 346 ] وينسب قوم ذلك إلى وعروة بن الزبير - ولا نعلم هذا عنه - وهو قول ابن عباس ، ابن أبي ليلى والأوزاعي ، ، ومالك ، والليث والشافعي ، وأبي ثور ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وجميع أصحابهم . وأبي سليمان
وقالت طائفة كقولنا - كما روينا من طريق أبي داود نا نا محمد بن كثير سفيان الثوري عن عن منصور بن المعتمر إبراهيم النخعي عن الأسود بن يزيد عن عائشة أم المؤمنين قالت " إن زوج بريرة كان حرا حين أعتقت وخيرت ؟ فقالت : ما أحب أن أكون معه وأن لي كذا وكذا " .
ومن طريق أحمد بن شعيب نا عمرو بن علي نا - نا الثقفي - هو عبد الوهاب بن عبد المجيد - مذ ستين سنة - عن عبيد الله بن عمر يزيد بن رومان عن عن عروة بن الزبير بريرة أنها قالت : كانت في ثلاث سنين - فذكرت الحديث - وفيه : { اشتريها واشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق لعائشة } فأعتقتني فكان لي الخيار . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال : فعمت أبو محمد بريرة ولم تخص تحت عبد من حر .
ومن طريق نا سعيد بن منصور نا هشيم عن ابن أبي ليلى عن نافع أنه كان يجعل لها الخيار على الحر - وبه يقول ابن عمر هشيم .
ومن طريق الحجاج بن المنهال : نا نا يزيد بن زريع خالد الحذاء عن قال : قال أبي قلابة " إذا أعتقت الأمة فلها الخيار ما لم يطأها زوجها " فعم عمر بن الخطاب ولم يخص عبدا من حر . عمر
ومن طريق عن حماد بن سلمة عن حماد بن أبي سليمان أنه قال في الأمة تعتق تحت زوج : فهي عليه بالخيار - حرا كان أو عبدا - ولو أنه إبراهيم النخعي . هشام بن عبد الملك
ومن طريق عن عبد الرزاق عن سفيان بن عيينة عن أبيه في الأمة تعتق تحت زوج أنها تخير ولو كانت تحت قرشي . عبد الله بن طاوس
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن عاصم الشعبي قال " إذا أعتقت تحت حر فلها الخيار " .
[ ص: 347 ] ومن طريق عن معمر عن أيوب السختياني إذا أعتقت عند حر فلها الخيار ابن سيرين
ومن طريق عن عبد الرزاق عن إبراهيم بن يزيد عمرو بن دينار عن قال : كان زوج سعيد بن المسيب بريرة حرا .
ومن طريق عن عبد الرزاق عن ابن جريج حسين بن مسلم قال : إذا أعتقت عند حر فلها الخيار .
قال : واحتج من لم يوجب لها الخيار إلا تحت العبد - : بما روينا من طريق أبو محمد نا البخاري نا قتيبة بن سعيد عن عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب السختياني عكرمة عن قال : كان زوج ابن عباس بريرة أسود يقال له مغيث عبدا لبني فلان كأني أنظر إليه - وذكر باقي الخبر - : نا يوسف بن عبد الله النمري نا نا عبد الوارث بن سفيان نا قاسم بن أصبغ محمد بن وضاح نا نا يوسف بن عدي عن عبدة بن سليمان سعيد بن أبي عروبة عن ، أيوب السختياني ، كلاهما عن وقتادة عكرمة عن : أن زوج ابن عباس بريرة كان عبدا حين أعتقت .
ومن طريق أبي داود نا نا عثمان بن أبي شيبة جرير عن عن أبيه عن هشام بن عروة عائشة أم المؤمنين في قصة بريرة - وكان زوجها عبدا { } ولو كان حرا لم يخيرها . فخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختارت نفسها
ومن طريق أحمد بن شعيب نا إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - نا المغيرة بن سلمة نا وهيب عن عن عبيد الله بن عمر يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة أم المؤمنين قالت " كان زوج بريرة عبدا " .
ومن طريق أحمد بن شعيب نا إسحاق بن إبراهيم - هو ابن راهويه - نا نا حماد بن مسعدة ابن موهب عن ، قال : كان القاسم بن محمد لعائشة أم المؤمنين غلام وجارية ، قالت : فأردت أن أعتقهما ، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : { } . ابتدي بالغلام قبل الجارية
[ ص: 348 ] ومن طريق أحمد بن شعيب أنا أحمد بن عبد الواحد نا مروان نا نا الليث عن عبيد الله بن أبي جعفر الحسن بن عمرو بن أمية الضمري أنه حدثه : أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثوه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { أيما أمة كانت تحت عبد فعتقت فهي بالخيار ما لم يطأها زوجها } .
وقالوا : من طريق النظر : كل عقد نكاح صحيح فلا يجوز فسخه إلا بيقين .
وقال أصحاب القياس منهم : إنما جعل لها الخيار لفضل الحرية على الرق فإذا ساواها فلا خيار لها - هذا كل ما احتجوا به ؟ قال : وكل هذا لا حجة لهم فيه - : أما الآثار - بأنه كان عبدا ، فقد اختلف في ذلك عن أبو محمد عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - كما أوردنا - وإنما روى هذا الخبر عنها ثلاثة الأسود ، وعروة ، والقاسم - : فأما الأسود - فلم يختلف عنه عن أم المؤمنين أنه كان حرا .
وأما عروة - فروي عنه - كما أوردنا - أنه كان عبدا - وقد روي عنه أيضا خلاف ذلك - : نا أحمد بن قاسم نا أبي قاسم بن محمد بن قاسم نا جدي نا قاسم بن أصبغ أحمد بن يزيد المعلم نا نا موسى بن معاوية جرير عن عن أبيه عن هشام بن عروة عائشة أم المؤمنين ، قالت : كان زوج بريرة حرا - فتعارضت الرواية عن عن أبيه عن هشام بن عروة عائشة أم المؤمنين .
وأما فروينا من طريق القاسم بن محمد أحمد بن شعيب أخبرني محمد بن إسماعيل بن علية نا نا يحيى بن أبي بكير عن شعبة عن أبيه عن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد عائشة ، فذكرت أن زوج بريرة كان عبدا - ثم قال عبد الرحمن بعد ذلك : ما أدري فاضطربت الرواية عن أم المؤمنين وبقيت رواية : أنه كان عبدا حين أعتقت - وقد عارضتها الرواية عن أم المؤمنين أنه كان حرا حين أعتقت ؟ فتركنا الكلام في ذلك حتى نتكلم في - : حديث ابن عباس عبيد الله بن أبي جعفر .
وحديث ابن موهب عن - إن شاء الله عز وجل ؟ [ ص: 349 ] قال القاسم بن محمد : أما الخبر الذي فيه : { أبو محمد أيما أمة كانت تحت عبد فعتقت ، فهي بالخيار ما لم يطأها زوجها } - فإنما هو من طريق حسن بن عمرو بن أمية - وهو مجهول - لا يعرف - فسقط التعلق به .
ثم لو صح لما كان فيه حجة أن لا تخير تحت حر ، إنما فيه حكم عتقها تحت العبد فقط ، وسكت فيه عن عتقها تحت الحر - فإن صح في خبر آخر ما يوجب عتقها تحت الحر وجب المصير إليه .
وأما حديث ابن موهب عن عن القاسم بن محمد عائشة : أنه كان لها عبد وجارية فأمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تبدأ في العتق بالغلام قبل الجارية - فإنه خبر لا يصح - : روينا عن أنه قال وقد ذكر هذا الخبر فقال : هذا خبر لا يعرف إلا العقيلي لعبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب - وهو ضعيف - فسقط التعلق به - : قال : ثم لو صح لما كان فيه حجة ، لأنه ليس فيه : أنهما كانا زوجين ؟ فإقحام القول بالدعوى كذب . أبو محمد
ثم لو صح أنهما كانا زوجين ، فليس فيه : أنه عليه الصلاة والسلام أمر بذلك ليسقط خيار الزوجة ؟ وإقحام هذا في ذلك الخبر كذبة بائنة - هذا عظيم لا يستجيزه من يهاب الكذب ، لا سيما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يوجب النار .
وقد يمكن - لو صح الخبر - أن يكون أمرها أن تبدأ بعتق العبد ، لقول الله عز وجل { وللرجال عليهن درجة }
لقوله تعالى حاكيا عن أم مريم { وليس الذكر كالأنثى }
وللخبر الذي رويناه - من طريق أبي داود عن حفص بن عمر عن عن شعبة عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد شرحبيل بن السمط أنه قال لكعب بن مرة أو مرة بن كعب : حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر كلاما ، وفيه { } فالأجر في عتق الذكر مضاعف - فسقط هذا الخبر جملة . [ ص: 350 ] أيما امرئ أعتق مسلما وأيما امرأة أعتقت امرأة وأيما رجل أعتق امرأتين مسلمتين إلا كانت فكاكه من النار يجزي بكل عظم منها عظما من عظامه
ونحن نوقن - بلا شك - أنه عليه الصلاة والسلام لا يتحيل في إسقاط حق أوجبه ربه تعالى للمعتقة - فبطل تعلقهم به بيقين لا إشكال فيه .
وأما قولهم : لا يحل فسخ عقد نكاح صحيح إلا بيقين - فصدقوا ، ولولا اليقين ما قلنا به ، وأما قول أصحاب القياس : إنما جعل لها الخيار تحت العبد لفضل الحرية على الرق - فهذه دعوى كاذبة ، لا يجدونها أبدا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونعوذ بالله من الإقدام على أن ننسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إلى الله تعالى أنه إنما فعل أمر كذا من أجل أمر كذا ، مما لم يخبر الله تعالى به ولا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم ألا إن هذا لهو الكذب على الله تعالى ، وعلى رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بلا شك ونسأل الله العافية ؟
قال : فلم يبق إلا تعارض الرواية عن أبو محمد : كان زوج ابن عباس بريرة عبدا إذ أعتقت ، للرواية عن أم المؤمنين " كان زوج بريرة حرا إذ أعتقت " .
وكلا الروايتين صحيحة ، لا سيما رواية الأسود عن عائشة أم المؤمنين ، وتعارض الرواية عن عروة في ذلك ، وكل ذلك معارض لرواية القاسم ، فوجدنا كل ذلك متفقا لا تكاذب فيه ، وما دام يمكن تأليف روايات الثقات فلا يحل أن ينسب الكذب إلى بعضهم ، أو الوهم .
فاعلموا أن من قال : كان عبدا ، ومن قال : كان حرا ، يصح على أنه كان عبدا قبل ثم أعتق ، فصار حرا ، إلا أنه لا يخرج هذا في الرواية عن : أنه كان عبدا حين أعتقت ، لكنه يخرج على أنه كان يدريه عبدا ، أو لم يعلم بحريته . ابن عباس
وروت عائشة - رضي الله عنها - ما كان في علمها من الزيادة أنه كان حرا حين أعتقت - وليس في رواية : ولو كان حرا ما خيرها : أنه من كلام أم المؤمنين ، وقد يمكن أن يكون من قول من دونها - فإذ ذلك كذلك فلا يجوز أن ينسب إليها قول بظن ؟ عثمان بن أبي شيبة
ولا يختلف مالكي ، ولا شافعي ، ولا حنبلي ، ولا ظاهري ، في أن عدلين لو شهدا بأن هذا نعرفه عبدا مملوكا ، وشهد عدلان آخران : أننا ندريه حرا ، فإن الحكم يجب بقول من شهد الحرية ، لأنه شهد بفضل علم كان عنده .
[ ص: 351 ] ثم ندع هذا كله ، فنقول : هبكم أنه لم يرو أحد أنه كان حرا ، بل لم يختلف الرواة في أنه كان عبدا حين أعتقت ؟ هل جاء قط في شيء من الأخبار الثابتة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنما خيرتها ; لأنها تحت عبد ، ولو كان زوجها حرا ما خيرتها - هذا أمر لا يجدونه أبدا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا في رواية صحيحة ولا سقيمة ، فإذ لا سبيل إلى وجود هذا أبدا فقد صح أنه عليه الصلاة والسلام لما أعتقت بريرة خيرها في البقاء مع زوجها أو فراقه ، فهذا - لا شك فيه ، فلا يجوز تعديه ، ولا زيادة حكم فيه .
ولا فرق بين من ادعى أنه عليه الصلاة والسلام إنما خيرها ; لأنه كان عبدا ، وبين آخر ادعى أنه لم يخيرها إلا لأنه كان أسود ، وبين ثالث ادعى أن تخييرها إنما كان ، لأن اسمه مغيث .
وكل هذه ظنون كاذبة لا يحل القول بها ، ولا الحكم بها ، وإنما الحق أن المعتقة خيرها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين فراق زوجها ، والبقاء معه ولا مزيد ، فواجب أن تخير كل معتقة ولا مزيد - وبالله تعالى التوفيق .
ومما اختلف فيه - : ؟ فروينا من طريق هل ينقطع خيارها بوطء زوجها لها أم لا عن حماد بن سلمة خالد الحذاء عن أن أبي قلابة قال في أمر عمر بن الخطاب بريرة : إن غشيها زوجها فلا خيار لها - وهذا منقطع .
ومن طريق عن حماد بن سلمة عن قتادة قال : أعتقت سليمان بن يسار حفصة أم المؤمنين جارية يقال لها " زبراء " ثم قالت لها : اعلمي أنه إن وطئك فلا خيار لك - وبه كان يقول - وصح عن سليمان بن يسار ، قتادة والزهري ، . ونافع مولى ابن عمر
وذهب آخرون - إلى أنها إن وطئها - وهي لا تعلم أن لها الخيار : لم يسقط بذلك خيارها ، وإن علمت فقد سقط خيارها - : روينا من طريق عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري خالد الحذاء عن أن أبي قلابة قال : إذا جامعها بعد أن تعلم أن لها الخيار ، فلا خيار لها - وهذا منقطع . [ ص: 352 ] عمر بن الخطاب
ومن طريق عن عبد الرزاق : أخبرت عن ابن جريج أن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : إن أصابها - وقد عرفت فليس لها خيار ، وإن أصابها - ولم تعرف - فإن لها الخيار إذا علمت ، وإن أصابها ألف مرة حتى يشهد العدول : أنها قد علمت : أن لها الخيار - وهذا منقطع . ابن عمر
ومن طريق عن عبد الرزاق : أخبرت عن ابن جريج أنه قال : إن أعتقت عند عبد ولم تعلم أن لها الخيار ، أو لم تخير حتى عتق زوجها ، أو يموت أو تموت : توارثا - وهذا شديد الانقطاع . ابن مسعود
وبه يقول . سعيد بن المسيب
وقول آخر ، وآخر في درجة : روينا من طريق عن عبد الرزاق قال : إذا أعتقت وزوجها معها في مجلس وهي تعلم حتى تقوم فلا خيار لها ، فإن ادعت : أنها لم تعلم استحلفت ، ثم خيرت ، قال سفيان الثوري سفيان : وبه يقول ناس أن لها الخيار أبدا حتى يقفها الإمام فيخيرها ، بلغني هذا عنه ؟ قال : فهذا أبو محمد سفيان الثوري يذكر مثل قولنا عمن معه ، أو من قبله ، وقد قال - كما أوردنا - أنها قد تبقى معه ولا تختار حتى يموت أو تموت . ابن مسعود
وقال وأصحابه : لها الخيار ما لم تعلم : فإذا علمت فلا خيار لها إلا ما دامت في المجلس ، فوجدناهم يحتجون بالخبر الذي ذكرناه قبل - : من طريق أبو حنيفة الحسن بن عمرو بن أمية - وقد بينا سقوطه .
وذكروا أيضا أثرا آخر : من طريق أبي داود نا عبد العزيز بن يحيى - هو أبو الأصبغ الحراني - حدثني محمد - يعني ابن سلمة - عن عن محمد بن إسحاق أبي جعفر ، وأبان بن صالح ، ، قال وهشام بن عروة أبو جعفر : إن بريرة ، وقال أبان عن : إن مجاهد بريرة ، وقال عن أبيه عن هشام بن عروة عائشة : إن بريرة عتقت .
ثم اتفقوا كلهم : أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم { } ؟ قال خيرها وقال لها : إن قربك فلا خيار لك : أبو محمد أبو الأصبغ الحراني [ ص: 353 ] ضعيف منكر الحديث قال : وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعل لها الخيار ، فلا يجوز أن يسقطه وطؤه ، ولا طول مقامه معها إذ لم يصح بذلك نص ، ولا يبطل حكمه عليه الصلاة والسلام بالآراء ، ولا حجة في أحد دونه عليه الصلاة والسلام - وبالله تعالى التوفيق . أبو محمد
وقال قوم : . لا تخير المكاتبة إذا أعتقت
صح عن : إن أعانها زوجها في كتابتها فلا خيار لها . إبراهيم النخعي
وصح عن الحسن : لا خيار للمكاتبة إذا أعتقت .
وهو قول ، عطاء ، وأبي قلابة والزهري .
وصح عن ، ابن سيرين والشعبي .
ورويناه عن : أن لها الخيار . جابر بن زيد
وبه يقول ، أبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأصحابهم - وبه نقول - وقال وأبو سليمان سفيان الثوري : إن تزوجها بعد الكتابة فلا خيار لها ، وإن تزوجها قبل الكتابة ، أو كانت معه فلها الخيار ؟ قال : خير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المعتقة ، ولم يخص مكاتبة من غيرها ، فلا يجوز أن يخص معتقة من معتقة . أبو محمد
ومما اختلفوا فيه : هل ؟ فصح عن اختيارها فراق زوجها فسخ أو طلاق أنها واحدة بائنة - ورويناه عن قتادة . عمر بن عبد العزيز
وهو قول ، أبي حنيفة ، وأصحابهما ، وعن ومالك أنها طلقة واحدة - وصح أنه فسخ لا طلاق - عن عطاء ، حماد بن أبي سليمان . وإبراهيم النخعي
ورويناه عن ، وهو قول طاوس ، الشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وأصحابهم ؟ قال وأبي سليمان : التسمية في الشريعة ليست إلا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولم يسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قط فراق المعتقة لزوجها طلاقا ، ولا جعل له من أحكام الطلاق غير العدة وحدها ، فلا يحل تسميته طلاقا - قال تعالى : { أبو محمد إن [ ص: 354 ] هي إلا أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى }
فصح أنه ليس طلاقا ، لكنه فراق ، أو فسخ ، أو نقض نكاح - وكل اسم يعبر به عن بطلان عصمة النكاح فقط - وبالله تعالى التوفيق .
ومما اختلفوا فيه - إن ؟ فقال قوم : لا صداق لها - صح ذلك عن تخيرت قبل الدخول فراقه : ماذا لها من الصداق الزهري - .
وصح عن : لها نصف الصداق - وقال أصحابنا : لها الصداق كله ؟ قال قتادة : إذ قد بينا أنه ليس طلاقا ، فقد بطل قول من قال : لها نصف الصداق ، لأن الله عز وجل لم يجعل لها نصف الصداق إلا في الطلاق قبل المس فقط . أبو محمد
ووجدناه عز وجل قال : { وآتوا النساء صدقاتهن نحلة }
فصح أن الصداق لها فلا يسقطه شيء ، ولا شيئا منه إلا حيث أسقط الله عز وجل ، النصف في الطلاق قبل المس ، وما عدا ذلك فظلم لا شك فيه .
فإن قيل : إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : { } . هو لها بما استحللت من فرجها
قلنا : نعم ، وعقد نكاحها استحلال لفرجها ، ولم يقل عليه الصلاة والسلام إنه لها بوطئك لها ، فوجب أن لها جميع الصداق .
وكذلك في كل منفسخة النكاح قبل الدخول بلعان ، أو بأن تصير حريمته برضاع ، أو بأن يطأها أبوه ، أو جده ، أو ابنه بجهالة ، أو بزنى ، أو بأن تسلم هي - وهو كافر - أو بأن يسلم هو - وهي غير كتابية - أو بأن ترتد هي ، أو هو ، أو كلاهما ، أو بأن تموت هي ، أو هو - وقد اختلف في إسلامها دونه - : فأبطل قوم صداقها بذلك - وهذا عون للشيطان ، وصد عن الإسلام - وهل صداقها إلا كدين لها قبله من سائر ديونها ولا فرق .
قال : ولا متعة لها في شيء من ذلك ، لأن الله تعالى لم يجعل المتعة إلا في الطلاق فقط { أبو محمد ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه }