[ ص: 339 ] مسألة : فإن ، فإنه إن تداعياه جميعا : فإنه يقرع بينهما فيه فأيهما خرجت قرعته ألحق به الولد ، وقضي عليه لخصمه بحصته من الدية . تزوج رجلان بجهالة امرأة في طهر واحد ، أو ابتاع أحدهما أمة من الآخر فوطئها - وكان الأول قد وطئها أيضا - ولم يعرف أيهما الأول ، ولا تاريخ النكاحين أو الملكين : فظهر بها حمل ، فأتت بولد
إن كان واحدا فنصف الدية ، وإن كانوا ثلاثة فلهما ثلثا الدية ، وإن كانوا أربعة فثلاثة أرباع الدية ، وهكذا الحكم فيما زاد ، سواء كان المتداعيان أجنبيين ، أو قريبين أو أبا وابنا ، أو حرا وعبدا .
فإن كان أحدهما مسلما والآخر كافرا ألحق بالمسلم ولا بد بلا قرعة .
فإن ، فإنه يدعى له بالقافة فإن شهد منهم واحد عالم عدل فأكثر من واحد بأنه ولد هذا ؟ ألحق به نسبه ، فإن ألحقه واحد أو أكثر باثنين فصاعدا طرح كلامهم وطلب غيرهم . تدافعاه جميعا ، أو لم ينكراه ولا تداعياه
ولا يجوز أن يكون ولد واحد ابن رجلين ، ولا ابن امرأتين .
وكذلك إن تداعت امرأتان فأكثر ولدا ، فإن كان في يد إحداهما فهو لها وإن كان في أيديهن كلهن ، أو لم يتداعياه ولا أنكرتاه ، أو تدافعتاه دعي له القافة كما قلنا .
برهان ذلك - : ما رويناه من طريق عن الليث بن سعد ابن شهاب عن عن عروة بن الزبير عائشة أم المؤمنين قالت { مجززا نظر إلى زيد بن حارثة فقال : إن بعض هذه الأقدام لمن بعض وأسامة بن زيد } . إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل علي مسرورا تبرق أسارير وجهه فقال : ألم تري أن
[ ص: 340 ] ومن طريق أحمد بن شعيب أرنا - نا إسحاق بن إبراهيم - وهو ابن راهويه - عن سفيان - هو ابن عيينة الزهري عن عروة عن قالت { عائشة أم المؤمنين ألم تري أن عائشة مجززا المدلجي دخل علي وعندي فرأى أسامة بن زيد أسامة وزيدا وعليهما قطيفة وقد غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما فقال : هذه أقدام بعضها من بعض } . دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرورا فقال : يا
ومن طريق نا مسلم منصور بن أبي مزاحم نا إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن الزهري عن عروة عن عائشة أم المؤمنين قالت { وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة مضطجعان ، فقال : إن هذه الأقدام بعضها من بعض ، فسر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وأعجبه } . دخل قائف ورسول الله صلى الله عليه وسلم شاهد
ومن طريق أبي داود نا عمرو بن عثمان الحمصي نا - عن الوليد - هو ابن مسلم الأوزاعي عن عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة فذكر { أنس بن مالك العرنيين وقتلهم الرعاء وأخذهم إبل النبي صلى الله عليه وسلم قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم قافة في طلبهم فأتى بهم أنس } وذكر الحديث . حديث
فصح أن " القيافة " علم صحيح يجب القضاء به في الأنساب والآثار .
روينا من طريق عن عبد الرزاق عن معمر الزهري في رجل وقع على امرأة لعبده وهي أمته ؟ قال : فدعا لهما القافة ، فإن أخبرني : أن عروة بن الزبير دعا القافة في رجلين اشتركا في الوقوع على امرأة في طهر واحد ، وادعيا ولدها ؟ فألحقه بأحدهما . عمر بن الخطاب
قال الزهري : أخذ ومن بعده بنظر القافة في مثل هذا . عمر بن الخطاب
ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني قال : اختصم إلى محمد بن سيرين في ولد ادعاه دهقان ، ورجل من أبي موسى الأشعري العرب ، فدعا القافة فنظروا إليه فقالوا للعربي : أنت أحب إلينا من هذا العلج ، ولكن ليس بابنك فخل عنه فإنه ابنه .
ثنا محمد بن سعيد بن نبات نا أحمد بن عبد البصير نا نا قاسم بن أصبغ محمد بن عبد السلام الخشني نا نا محمد بن المثنى نا أبو أحمد الزبيري عن [ ص: 341 ] سفيان الثوري عن عبد الكريم الجزري قال : انتفى زياد بن أبي زياد من ولد له ؟ فدعا له ابن كلدة القائف ، فقال له : أما إنه ولده ، فادعاه ابن عباس . ابن عباس
ومن طريق عن عبد الرزاق نا ابن جريج يحيى بن سعيد القطان ، كلاهما عن وأبو الزناد قال : إن كان له ولد فليدع له بالقافة . سعيد بن المسيب
وبه يقول ، وغيره ، قتادة ، ومالك ، وجمهور أصحابنا : إلا أن والشافعي قال : لا يحكم بقول القافة إلا في ولد أمة لا في ولد حرة - وهذا خطأ ، لأن الأثر الذي أوردنا آنفا من قول مالكا مجزز المدلجي في - رضي الله عنهما - الذي هو عمدة أسامة بن زيد وعمدتنا في الحكم بالقافة إنما جاء في ابن حرة لا في ابن أمة . مالك
ولم ير ولا أصحابه الحكم بالقافة - واحتجوا في ذلك بأنه حكم بالظن - وهم يشرعون الشرائع ، ويبطلون أحكام الله تعالى وأحكام رسوله صلى الله عليه وسلم بالقياس الذي يقرون بأنه ظن - وقد كذبوا : ما حكم القافة بظن ، بل بعلم صحيح يتعلمه من طلبه وعني به ، وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحكم بالظن . أبو حنيفة
ثم مع هذا كله يحكمون بجهل ، إذ يلحق الولد بامرأتين يجعل كل واحدة منهما أمه التي ولدته ، ويورثه منهما ميراث الابن من الأم ، ويورثهما منه ميراث الأم من الولد ، ويحرم عليه أخواتهما جميعا - فهذا هو الرعونة حقا ، والجهل الأعمى ، لا ما سر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكم به الصحابة - رضي الله عنهم - ولا يخرج عن حكم القافة شيء إلا موضع واحد - : وهو الرجلان فصاعدا يتداعيان الولد ؟ فإن هاهنا إن لم تكن بينة ولا عرف لأيهما كان الفراش ، وإلا أقرع بينهما كما ذكرنا . أبي حنيفة
لما روينا من طريق عبد الله أو عن ، عن سفيان الثوري صالح بن حي عن عبد خير الحضرمي عن قال { زيد بن أرقم باليمن فأتى بامرأة وطئها ثلاثة في طهر واحد ، فسأل اثنين : أتقران لهذا بالولد ؟ فلم يقرا ، ثم سأل اثنين : أتقران لهذا بالولد ؟ فلم يقرا ، ثم سأل اثنين ، حتى فرغ ، فأقرع بينهم ، فألزم الولد للذي خرجت له القرعة ، وجعل عليه ثلثي الدية فرفع ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه علي } . : كان
قال : لا يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم دون أن ينكر ما يرى أو يسمع ما لا [ ص: 342 ] يجوز ألبتة إلا أن يكون سرورا به - وهو عليه الصلاة والسلام لا يسر إلا بالحق - ولا يجوز أن يسمع باطلا فيقره . أبو محمد
وهذا خبر مستقيم السند ، نقلته كلهم ثقات ، والحجة به قائمة ، ولا يصح خلافه ألبتة .
فإن قيل : إنه خبر اضطرب في إسناده ، فأرسله عن شعبة عن سلمة بن كهيل الشعبي عن مجهول .
ورواه أبو إسحاق عن رجل من حضرموت عن ؟ قلنا : هذا العجب ، فكان ماذا ؟ قد وصله زيد بن أرقم سفيان - وليس هو دون - عن شعبة صالح بن حي - وهو ثقة - عن عبد خير - وهو ثقة - عن - وإن من يتعلل بهذا ثم يرد السنة برواية شيخ من زيد بن أرقم بني كنانة إن هذا لعظيم المجاهرة ، وقد كان ينبغي أن يردعه الحياء عن الرضا به ؟ لا سيما ، وأصحابه القائلين : إن ادعى الولد اثنان - وهو في أيديهما - فهو ابنهما يرثانه ويرثهما ، ثم اختلفوا فافتضحوا في اختلافهم ؟ كما افتضحوا في اتفاقهم في ولد ادعاه ثلاثة نفر فصاعدا فقال أبا حنيفة : هو ابنهم كلهم ولو كانوا ألفا . أبو حنيفة
وقال : يكون ابن ثلاثة ولا يكون ابن أكثر . محمد بن الحسن
وقال : لا يكون إلا ابن اثنين فقط لا ابن أكثر - فهو هو الفحش والسخام والضلال ؟ لا اتباع ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . أبو يوسف
وموهوا في إلحاقهم الولد باثنين برواية ساقطة عن ، لأنها مرسلة من طريق عمر عن سعيد بن المسيب ، ولم يحفظ عمر سعيد عن شيئا إلا نعي عمر على المنبر ، مع أن فيها : أنه حكم مع القافة بذلك . النعمان بن مقرن
ومن طريق إبراهيم النخعي عن ، ولم يدركه أصلا . عمر
ومن طريق عن ابن سيرين أنه توقف فيه . عمر
[ ص: 343 ] ورواية عن فيها علي قالوس بن أبي ظبيان ، وهو ضعيف ، وفيها : أنه للثاني منكما .
والثابت عن في ذلك - : ما رويناه من طريق عمر عن عبد الرزاق عن معمر الزهري عن قال : إن رجلين ادعيا ولدا ؟ فدعا عروة بن الزبير القافة ، واقتدى في ذلك ببصر القافة ، وألحقه بأحد الرجلين - عمر وعروة قد اعتمر مع . عمر
ورواية أخرى من طريق عن حماد بن سلمة عن أبيه عن هشام بن عروة يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال هشام : وسمعته يحدث أبي قال : إن رجلين وقعا بامرأة في الجاهلية ، فولدت غلاما ، فلما كان ادعياه جميعا ؟ فدعا عمر رجلا من عمر بني كعب فقال : انظر فاستبطن واستظهر ؟ فقال : والذي أكرمك بالخلافة لقد اشترك فيه جميعا ، فضربه بالدرة حتى اضطجع ، وقال له عمر : لقد ذهب بك النظر إلى غير مذهب - ثم دعا عمر بالمرأة فسألها ، فقالت : هذا كان يطؤني ، فإذا كان يطؤني حماني من الناس حتى إذا استمر بي الحمل خلا بي فأهرقت دما كثيرا فجاءني هذا فوطئني ، فلا أدري من أيهما هو ؟ فقال عمر الكعبي : الله أكبر ، شركاء فيه ورب الكعبة ، فقال : أما أنا فقد رأيت ما رأيت ، ثم قال للغلام : اختر أيهما شئت ؟ قال عمر يحيى بن عبد الرحمن : فلقد رأيت حين سفع أحدهما بيد الغلام ثم ذهب به .
ورواية من طريق عن شعبة توبة العنبري عن الشعبي عن قال : اشترك رجلان في طهر امرأة فولدت غلاما فدعا ابن عمر بالقافة ؟ فقالوا : قد أخذ الشبه منهما جميعا ، فجعله عمر بينهما . عمر
قال : أبو محمد توبة العنبري ضعيف ، متفق على ضعفه .
ثم هذا كله بخلاف قولهم ، لأنه حكم بالقافة ، وقول : جعله بينهما ، ليس فيه : أنه ألحقه بنسبهما ، لكن الظاهر من قوله " جعله بينهما " أي وقفه بينهما حتى يلوح له فيه وجه الحكم ، لا يجوز أن يظن ابن عمر غير هذا ؟ وما نعرف إلحاق الولد باثنين عن أحد من المتقدمين إلا عن بعمر ، ولا حجة في أحد دون رسول الله صلى الله عليه وسلم والثابت عنه عليه الصلاة والسلام يكذب جواز كون ولد من مني أبوين . إبراهيم النخعي
[ ص: 344 ] وهو الذي رويناه من طريق نا مسلم أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير كل واحد منهما يقول : نا أبو معاوية - هو الضرير - ، قالا جميعا : نا ووكيع عن الأعمش عن زيد بن وهب أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عبد الله بن مسعود } وذكر الحديث . إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح
فصح يقينا أن ابتداء العدد من حين وقوع النطفة ، وبلا شك أن الدقيقة التي تقع فيها النطفة في الرحم هي غير الدقيقة التي يقع فيها مني الواطئ الثاني ، فلو جاز أن يجمع الماءان فيصير منهما ولد واحد ، لكان العدد مكذوبا فيه ، لأنه إن عد من حين وقوع النطفة الأولى ، فهو للأول وحده فلو استضاف إليه الثاني لابتدأ العدد من حين حلول المني الثاني ، فكان يكون في بعض الأربعين يوما نقص وزيادة بلا شك ، وهم أولى بالكذب وأهله من رسول الله صلى الله عليه وسلم الصادق .
والعجب أنهم قالوا : لم يحكم بأن الولد يكون ابن امرأتين محققا : أن كل واحدة منهما ولدته ، لكن أوجب لكل واحدة منهما حق الأمومة ؟ . أبو حنيفة
فقلنا : وهذا جور وظلم وباطل بلا شك أن يوجب لغير أم حكم أم بلا نص قرآن ، ولا سنة ، ولا قول أحد من خلق الله تعالى قبله إلا الرأي الفاسد - ونسأل الله العافية .
وأما قولنا : إن : ألحق بالمسلم ، فلقول الله عز وجل : { تداعى في الولد مسلم وكافر فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .
والثابت من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { } . كل مولود يولد على الفطرة
ورويناه أيضا على الملة : حتى يكون أبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه أو يشركانه ، فلا يجوز أن ينقل عما ولد عليه من الفطرة التي ولد عليها إلا بيقين كون الفراش لكافر بلا إشكال - وبالله تعالى التوفيق .