1836 - مسألة : ولا يحل للعبد ولا للأمة أن ينكحا إلا بإذن سيدهما ، فأيهما نكح بغير إذن سيده عالما بالنهي الوارد في ذلك فعليه حد الزنا ، وهو زان ، وهي زانية ، ولا يلحق الولد في ذلك .
برهان ذلك - : ما روينا من طريق أبي داود نا ، أحمد بن حنبل - واللفظ له - كلاهما عن وعثمان بن أبي شيبة نا وكيع عن الحسن بن صالح عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { } . أيما عبد تزوج بغير إذن مولاه فهو عاهر
[ ص: 52 ] ومن طريق نا عبد الرزاق ابن جريح عن قال : سمعت عبد الله بن محمد بن عقيل يقول " قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { جابر بن عبد الله } . أيما عبد نكح بغير إذن سيده فهو عاهر
واسم " العبد " واقع على الجنس ، فالذكور والإناث من الرقيق داخلون تحت هذا الاسم .
وأيضا : فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : { } والأمة مال لسيدها فهي حرام عليه إلا بإنكاحها إياه بنص كلامه عليه الصلاة والسلام - وهو قول طائفة من السلف - : روينا عن إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام : إذا نكح العبد بغير إذن مواليه فنكاحه حرام . عمر بن الخطاب
ومن طريق نا عبد الرزاق أخبرني ابن جريج عن موسى بن عقبة : أن نافع كان يرى إنكاح العبد بغير إذن سيده زنى ، ويرى عليه الحد ، وعلى التي نكح إذا أصابها إذا علمت أنه عبد ، ويعاقب الذين أنكحوها . ابن عمر
[ ص: 53 ] ومن طريق عن عبد الرزاق عن معمر عن أيوب السختياني : أن نافع أخذ عبدا له نكح بغير إذنه ففرق بينهما ، وأبطل صداقه ، وضربه حدا . ابن عمر
ومن طريق عن حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن نافع قال : إذا تزوج العبد بغير إذن سيده جلد الحد ، وفرق بينهما ، ورد المهر إلى مولاه وعزر الشهود الذين زوجوه وهذا مسند في غاية الصحة عن ابن عمر رضي الله عنهما . ابن عمر
ومن طريق نا سعيد بن منصور نا هشيم مغيرة ، وعبيدة عن إبراهيم النخعي ، قال المغيرة في روايته عنه : إذا فرق المولى بينهما فما وجد عندها من عين مال غلامه فهو له ، وما استهلكه فلا شيء عليها ، وقال عبيدة في روايته عنه ; وما استهلكت فهو دين عليها ، قال : وهو القول . هشيم
ومن طريق عن شعبة الحكم بن عتيبة ، : أنهما قالا في العبد يتزوج بغير إذن سيده : أنه يفرق بينهما ، وينتزع الصداق منها ، وما استهلكته كان دينا عليها . وحماد بن أبي سليمان
ومن طريق عن وكيع عن سفيان الثوري فراس عن عامر الشعبي في التي يتزوجها العبد بغير إذن سيده قال : يؤخذ منها ما لم تستهلكه وما استهلكت فلا شيء .
وممن قال : لا يجوز ، ولا إجازة فيه للسيد لو أجازه - الأوزاعي ، . والشافعي
وقال ، أبو حنيفة : إن ومالك ليس زنى ، بل إن أجازه السيد جاز بغير تجديد عقد . نكاح العبد بغير إذن سيده
وموهوا في ذلك بأن قالوا : إن الخبر الذي احتججتم به أنه عاهر ليس فيه : إذا وطئها ، وأنتم تقولون : إذا لم يطأها فليس عاهرا ؟ قلنا : قد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الخبر بلفظ " إذا نكح " كما أوردناه آنفا ونكح في اللغة التي خاطبنا الله تعالى بها وخاطبنا بها عليه الصلاة والسلام " يقع على العقد ويقع على الوطء " فلا يجوز تخصيص أحد المعنيين دون الآخر - فصح أنه عليه الصلاة والسلام إنما جعله زانيا إذا تزوج ونكح - وبالله تعالى التوفيق .
والعجب أنهم جعلوا تفريق السيد - إن فرق - طلاقا ، وهذا خطأ فاحش من [ ص: 54 ] وجوه - : أحدها أنه لا يخلو عقد العبد على نفسه بغير إذن سيده ضرورة من أحد وجهين لا ثالث لهما - : إما أن يكون صحيحا ، وإما أن يكون باطلا .
فإن كان صحيحا فلا خيار للسيد في إبطال عقد صحيح .
وإن كان باطلا فلا يجوز للسيد تصحيح الباطل .
وما عدا هذا فتخليط ، إلا أن يأتي به نص فيوقف عنده .
ويكفي من هذا - أنه قول لم يوجب صحته قرآن ، ولا سنة ، ولا قياس ، ولا رأي له وجه يعقل ، ولا تصح في هذا رواية عن أحد من الصحابة غير التي روينا عن ، وجاءت رواية لا تصح عن ابن عمر ، عمر قد خالفوها أيضا وتعلقوا برواية واهية ننبه عليها - إن شاء الله تعالى - لئلا يموه بها مموه ، وهي - : ما روينا من طريق وعثمان عن وكيع العمري عن عن نافع ، قال : إذا تزوج العبد بغير إذن سيده فالطلاق بيد السيد ، وإذا نكح بإذن سيده فالطلاق بيد العبد . ابن عمر
وروينا من طريق نا سعيد بن منصور قال : نا هشيم ، ابن أبي ليلى - والحجاج - هو ابن أرطاة والمغيرة - هو ابن مقسم - - ويونس - هو ابن عبيد والحصين - هو ابن عبد الرحمن - ، قال وإسماعيل بن أبي خالد ، ابن أبي ليلى عن والحجاج عن نافع ، وقال ابن عمر أيضا : عن الحجاج إبراهيم النخعي عن ، وقال شريح المغيرة : عن ، وقال إبراهيم النخعي : عن يونس الحسن البصري ، وقال الحصين ، : عن وإسماعيل الشعبي ، ثم اتفق ، ابن عمر ، وشريح ، وإبراهيم والحسن ، والشعبي ، قالوا كلهم : إذا تزوج بأمر مولاه فالطلاق بيده ، وإذا تزوج بغير أمره فالأمر إلى السيد إن شاء جمع وإن شاء فرق .
قال - : أبو محمد العمري - هو عبد الله بن عمر بن حفص - وهو ضعيف .
سيئ الحفظ ضعيف - وابن أبي ليلى هالك . والحجاج
ومن السقوط والباطل أن تعارض برواية هؤلاء عن رواية مثل نافع ، أيوب السختياني ، وموسى بن عقبة عن ويونس بن عبيد . نافع
والرواية عن ساقطة ، لأنها عن شريح . الحجاج بن أرطاة
[ ص: 55 ] وأما ، إبراهيم والشعبي ، فالرواية عنهما صحيحة ، إلا أن أبا حنيفة خالفاهما في قولهما في المهر ، فما نعلمهم تعلقوا إلا ومالكا بالحسن وحده .