فصل ( يستحب إجماعا وحفظه فرض كفاية إجماعا ) قال حفظ القرآن : قراءة القرآن كرامة أكرم الله بها بني ابن الصلاح آدم والملائكة لم يعطوا هذه الفضيلة وهي حريصة على استماعه من الإنس انتهى قال الدميري : وقد يتوقف فيه من جهة أن جبريل هو النازل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم وقال الله تعالى في وصف الملائكة ( { فالتاليات ذكرا } ) أي تتلو القرآن انتهى قلت يحتمل [ ص: 429 ] أن يكون مراد الملائكة غير ابن الصلاح جبريل أو يقال : لا يلزم من نزوله به بقاء حفظه له جملة لكن يبعده حديث مدارسته صلى الله عليه وسلم إياه القرآن ، إلا أن يقال : كان يلهمه إلهاما عند الحاجة إلى تبليغه وأما تلاوة الملائكة له فلا يلزم منها حفظه ( وهو ) أي القرآن ( أفضل من سائر الذكر ) لقوله صلى الله عليه وسلم { } رواه يقول الرب سبحانه وتعالى : من شغله القرآن وذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين وفضل كلام الله تعالى على سائر الكلام كفضل الله تعالى على خلقه الترمذي ، وقال حديث حسن صحيح .
لكن الاشتغال بالمأثور من الذكر في محله كأدبار الصلوات أفضل من الاشتغال بتلاوة القرآن في ذلك المحل ( و ) القرآن ( أفضل من التوراة والإنجيل ) والزبور وسائر الصحف ( وبعضه ) أي القرآن ( أفضل من بعض ) إما باعتبار الثواب أو باعتبار متعلقه ، كما يدل عليه ما ورد في { قل هو الله أحد } والفاتحة ، وآية الكرسي ، ( ويجب ) أن يحفظ ( منه ) أي القرآن ( ما يجب في الصلاة ) أي الفاتحة على المشهور ، أو الفاتحة وسورة على مقابله ( ويبدأ الصبي وليه به قبل العلم ، فيقرأه كله ) ; لأنه إذا قرأ أولا تعود القراءة ثم لزمها ( إلا أن يعسر ) عليه حفظه كله ، فيقرأ ما تيسر منه ( والمكلف يقدم العلم بعد القراءة الواجبة ) ; لأنه لا تعارض بين الفرض والنفل ( كما يقدم الكبير تعلم نفل العلم على نفل القراءة في ظاهر كلام الإمام والأصحاب ) فيما سبق في أفضل الأعمال هذا معنى كلامه في الفروع .