( فصل ( ولم يأخذ المال قتل حتما ولا أثر لعفو ولي ولم يصلب ) لما تقدم في خبر ومن قتل ) لقصد المال من قوله ابن عباس قتل ولم يذكر صلبا ولأن جنايتهم بأخذ المال مع القتل تزيد على الجناية بالقتل وحده فوجب أن تكون عقوبتهم مع أخذ المال أغلظ . ومن قتل ولم يأخذ المال
( ومن أخذ ) منهم ( المال ولم يقتل قطعت يده اليمنى وحسمت ثم رجله اليسرى وحسمت في مقام واحد حتما مرتبا وجوبا ) لظاهر الآية والخبر ( ولا يقطع منهم إلا من أخذ من حرز ) وهو القافلة ( لا شبهة له فيه ) بخلاف نحو أب وسيد ( ما يقطع السارق في مثله ) لقوله صلى الله عليه وسلم : { } ولم يفصل لأنها جناية تعلقت بها عقوبة في حق غير المحارب فلا تغلظ في المحارب بأكثر من وجه واحد كالقتل . لا قطع إلا في ربع دينار
( فإذا أخذوا نصابا أو ما تبلغ قيمته نصابا ) أي ربع دينار أو ثلاثة دراهم فضة خالصة ( ولو لم تبلغ حصة كل واحد منهم نصابا قطعوا ) كما ( فإن أخذ من غير حرز كأخذه من منفرد عن القافلة ونحوه فلا قطع ) وكذا لو اشترك جماعة في سرقة نصاب فيه شبهة كالسرقة ( وإن كانت يده اليمنى أو رجله اليسرى معدومة أو ) كانت ( مستحقة في قصاص أو ) كانت ( شلاء قطع الموجود منهما فقط ) لأن ذلك واجب أمكن استيفاؤه . لو كان المأخوذ دون نصاب أو من مال له
( ويسقط القطع في المعدوم ) والشلاء لأن ما تعلق به الغرض قد زال أو في حكمه فيسقط كالغسل في الوضوء [ ص: 153 ] ( وإن عدم يسرى يديه قطعت يسرى رجليه ) فقط لئلا تذهب منفعة الجنس ( وإن عدم يمنى يديه لم يقطع يمنى رجليه ) لئلا يذهب عضوان من شق وتقطع يسرى رجليه ( ولو حارب مرة أخرى لم يقطع منه شيء ) كالسارق في المرة الثالثة على ما تقدم ( ويتعين دية كقود لزمه بعد محاربته لتقديمها ) أي المحاربة ( بسبقها ) للقود ( وكذلك ) تعينت الدية لفوات المحل . لو مات قبل قتله للمحاربة
أي الطريق ( نفي وشرد ) أي طرد ( فلا يترك يأوي إلى بلد ولو عبدا حتى تظهر توبته ) لقوله تعالى : { ( ومن لم يقتل ولا أخذ المال بل أخاف السبيل ) أو ينفوا من الأرض } ( وإن كانوا جماعة نفوا متفرقين ) فينفى كل واحد منهم إلى جهة خشية أن يجتمعوا على المحاربة ثانيا سقط عنه حق الله ) تعالى ( من الصلب والقطع والقتل وانحتام القتل ) قال في المبدع بغير خلاف نعلمه ومعناه في الشرح لقوله تعالى : { ( ومن تاب منهم ) أي من قطاع الطريق ( قبل القدرة عليه لا بعدها إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم } ( حتى حد زنا وسرقة وشرب ) خمر فيسقط عن المحارب إذا تاب قبل القدرة عليه لعموم الآية بخلاف حد القذف .
( وكذا سقط عنه حق الله تعالى لعموم الآية وأما من تاب بعد القدرة عليه فإنه لا يسقط عنه شيء من ذلك لمفهوم الآية ( وأخذ ) من خارجي ) محارب ( وباغ ) محارب ( ومرتد ) محارب إذا تاب قبل القدرة عليه ( بحقوق الآدميين من الأنفس والأموال والجراح إلا أن يعفى لهم عنها ) لأنها حقوق عليهم لم يعف عنها فلم تسقط كغير المحارب ويدل عليه قوله تعالى { تاب قبل القدرة عليه من قطاع الطريق والخوارج والبغاة والمرتدين أن الله غفور رحيم } فإنه يشعر بسقوط حقه دون حق غيره المبني على المشاحة ( لم يسقط ) الحد ( بإسلامه ) بل يؤاخذ به كما قبل الإسلام لالتزامه حكمنا ( وتقدم حكم المستأمن في بابي الزنا والسرقة ) . وإن أسلم ذمي بعد زنا أو سرقة
قال في المنتهى ويؤخذ غير حربي أسلم بحق الله وحق آدمي طلبه ( وأما الحربي الكافر إذا أسلم فلا يؤخذ بشيء في كفره إجماعا ) لقوله تعالى : { قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف } وقوله صلى الله عليه وسلم " الإسلام يجب ما قبله " سقط بمجرد التوبة قبل إصلاح العمل ) لقوله تعالى : { ( ومن وجب عليه حد لله ) تعالى [ ص: 154 ] ( سوى ذلك ) أي حد المحاربة كالزنا وشرب الخمر والسرقة ( فتاب قبل ثبوته فإن تابا وأصلحا فأعرضوا عنهما } ولقوله : { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه } .
وفي الحديث : { } ولأنه خالص حق الله تعالى فيسقط بالتوبة كحد المحارب . التائب من الذنب كمن لا ذنب له
( وإلا ) أي وإن لم يكن الحد لله تعالى بل للآدمي كحد القذف أو كان لله ولم يثبت قبل توبته بل بعده ( فلا ) يسقط لعموم الأدلة ( ومن مات وعليه حد ) لله أو لآدمي ( سقط ) بموته لفوات محله كما يسقط القصاص بالموت .