( 612 ) مسألة : قال : ( ولا يصلي في غير هاتين الحالتين فرضا ولا نافلة إلا متوجها إلى الكعبة ; فإن كان يعاينها فبالصواب ، وإن كان غائبا عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها ) قد ذكرنا أن ، فاستوى فيه الفرض والنفل ، كالطهارة والستارة ، ولأن قوله تعالى : { استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة ، ولا فرق بين الفريضة والنافلة ; لأنه شرط للصلاة وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } عام فيهما جميعا . ثم إن كان معاينا للكعبة ، ففرضه الصلاة إلى عينها . لا نعلم فيه خلافا .
قال ; إن خرج بعضه عن مسامتة ابن عقيل الكعبة لم تصح صلاته . وقال بعض أصحابنا : : منهم من يلزمه اليقين ، وهو من كان معاينا الناس في استقبالها على أربعة أضرب للكعبة ، أو كان بمكة من أهلها ، أو ناشئا بها من وراء حائل محدث كالحيطان ، ففرضه التوجه إلى عين الكعبة يقينا . وهكذا إن كان بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم لأنه متيقن صحة قبلته ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على الخطأ ، وقد روى { أسامة } . أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين ، قبل القبلة ، وقال : هذه القبلة
الثاني : من فرضه الخبر ، وهو من كان بمكة غائبا عن الكعبة من غير أهلها ، ووجد مخبرا يخبره عن يقين أو مشاهدة ، مثل أن يكون من وراء حائل ، وعلى الحائل من يخبره ، أو كان غريبا نزل بمكة ، فأخبره أهل الدار ، وكذلك لو كان في مصر أو قرية ، ففرضه التوجه إلى محاريبهم وقبلتهم المنصوبة ; لأن هذه القبل ينصبها أهل الخبرة والمعرفة ، فجرى ذلك مجرى الخبر ، فأغنى عن الاجتهاد ، وإن أخبره مخبر من أهل المعرفة بالقبلة ; أما من أهل البلد ، أو من غيره ، صار إلى خبره ، وليس له الاجتهاد ، كما يقبل الحاكم النص من الثقة ، ولا يجتهد . الثالث : من فرضه الاجتهاد ، وهو من عدم هاتين الحالتين ، وهو عالم بالأدلة .
الرابع : من فرضه التقليد ، وهو الأعمى ومن لا اجتهاد له ، وعدم الحالتين ، ففرضه تقليد المجتهدين . والواجب على هذين وسائر من بعد من مكة طلب جهة الكعبة ، دون إصابة العين . قال : ما بين المشرق والمغرب قبلة ، فإن انحرف عن القبلة قليلا لم يعد ، ولكن يتحرى الوسط . وبهذا قال أحمد . أبو حنيفة
وقال : في أحد قوليه كقولنا ، والآخر : الفرض إصابة العين ; لقول الله تعالى : { الشافعي وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره } ولأنه يجب عليه التوجه إلى الكعبة ، فلزمه التوجه إلى عينها ، كالمعاين . ولنا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم : { } . رواه ما بين المشرق والمغرب قبلة الترمذي ، وقال : حديث حسن صحيح .
وظاهره أن جميع ما بينهما قبلة . ولأنه لو كان الفرض إصابة العين ، لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو ، ولا صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة ، فإنه لا يجوز أن يتوجه إلى الكعبة مع طول الصف إلا بقدرها . فإن قيل : مع البعيد يتسع المحاذي . قلنا : إنما يتسع مع تقوس الصف ، أما مع استوائه فلا . وشطر البيت : نحوه وقبله .