( 4592 ) فصل : وتستحب ; لأن الله تعالى قال { الوصية بجزء من المال لمن ترك خيرا : كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية } . فنسخ الوجوب ، وبقي الاستحباب في حق من لا يرث وقد روى ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { ابن عمر } . وعن : يا ابن آدم ، جعلت لك نصيبا من مالك حين أخذت بكظمك ، لأطهرك وأزكيك ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } . رواهما : إن الله تصدق عليكم عند وفاتكم بثلث أموالكم . وقال ابن ماجه الشعبي : من أوصى بوصية ، فلم يجر ، ولم يحف ، كان له من الأجر مثل ما لو أعطاها وهو صحيح . وأما الفقير الذي له ورثة محتاجون ، فلا يستحب له أن يوصي ; لأن الله قال في الوصية { : إن ترك خيرا } { : إنك أن تدع ورثتك أغنياء ، خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس لسعد } . وقال { . وقال النبي صلى الله عليه وسلم } . وقال : ابدأ بنفسك ، ثم بمن تعول رضي الله عنه لرجل أراد أن يوصي : إنك لن تدع طائلا ، إنما تركت شيئا يسيرا ، فدعه لورثتك . علي : أربعمائة دينار ليس فيها فضل عن الورثة . وروي عن وعنه عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال لها : لي ثلاثة آلاف درهم ، وأربعة أولاد ، أفأوصي ؟ فقالت : اجعل الثلاثة للأربعة . وعن قال : من ترك سبعمائة درهم ليس عليه وصية . وقال ابن عباس عروة : دخل على صديق له يعوده ، فقال الرجل : إني أريد أن أوصي . فقال له علي : إن الله تعالى يقول { علي : إن ترك خيرا } ، وإنك إنما تدع شيئا يسيرا ، فدعه لورثتك . واختلف أهل العلم في ، فروي عن القدر الذي لا تستحب لمالكه : إذا ترك دون الألف لا تستحب الوصية . وعن أحمد ، أربعمائة دينار . وقال علي : إذا ترك الميت سبعمائة درهم ، فلا يوصي . وقال : من ترك ستين دينارا ، ما ترك خيرا . وقال ابن عباس : الخير ثمانون دينارا . وقال طاوس : ألف وخمسمائة . وقال النخعي : القليل أن يصيب أقل الورثة سهما خمسون درهما . والذي يقوى عندي ، أنه متى كان المتروك لا يفضل عن غنى الورثة ، فلا تستحب الوصية ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل المنع من الوصية بقوله { أبو حنيفة } . ولأن إعطاء القريب المحتاج خير من إعطاء الأجنبي ، فمتى لم يبلغ الميراث غناهم ، كان تركه لهم كعطيتهم إياه ، فيكون ذلك أفضل من الوصية به لغيرهم ، فعند هذا يختلف الحال باختلاف الورثة في كثرتهم وقلتهم ، وغناهم وحاجتهم ، فلا يتقيد بقدر من المال . والله أعلم . وقد قال : أن تترك ورثتك أغنياء ، خير من أن تدعهم عالة الشعبي : ما من مال أعظم أجرا ، من مال يتركه الرجل لولده ، يغنيهم به عن الناس .