الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الابتداء من يمين الحجر لا من يساره فليس من شرائط الجواز بلا خلاف بين أصحابنا حتى يجوز الطواف منكوسا بأن افتتح الطواف عن يسار الحجر ، ويعتد به ، وعند الشافعي هو من شرائط الجواز لا يجوز بدونه ، واحتج بما روي { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتح الطواف من يمين الحجر لا من يساره } ، وذلك تعليم منه صلى الله عليه وسلم مناسك الحج .

                                                                                                                                وقد قال عليه الصلاة والسلام [ ص: 131 ] { خذوا عني مناسككم } فتجب البداية بما بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم ولنا قوله تعالى { ، وليطوفوا بالبيت العتيق } مطلقا من غير شرط البداية باليمين أو باليسار .

                                                                                                                                وفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم محمول على الوجوب ، وبه نقول إنه واجب كذا ذكره الإمام القاضي في شرحه مختصر الطحاوي أنه تجب عليه الإعادة ما دام بمكة ، وإن رجع إلى أهله يجب عليه الدم .

                                                                                                                                وكذا ذكر في الأصل ، ووجهه أنه ترك الواجب ، وهو قادر على استدراكه بجنسه فيجب عليه ذلك تلافيا للتقصير بأبلغ الوجوه ، وإذا رجع إلى أهله فقد عجز عن استدراكه الفائت بجنسه فيستدركه بخلاف جنسه جبرا للفائت بالقدر الممكن على ما هو الأصل في ضمان الفوائت في الشرع ، وذكر القدوري في شرحه مختصر الكرخي ما يدل على أنه سنة فإنه قال أجزأه الطواف ، ويكره ، وهذا أمارة السنة .

                                                                                                                                وأما سننه فنذكرها عند بيان سنن الحج ، ولا رمل في هذا الطواف إذا كان الطواف طواف اللقاء ، وسعى عقيبه ، وإن كان لم يطف طواف اللقاء أو كان قد طاف لكنه لم يسع عقيبه فإنه يرمل في طواف الزيارة ، والأصل فيه أن الرمل سنة طواف عقيبه سعي ، وكل طواف يكون بعده سعي يكون فيه رمل ، وإلا فلا لما نذكر إن شاء الله عند بيان سنن الحج ، والترتيب بين أفعاله .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية