الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما الصنف الثاني فميقاتهم للحج أو العمرة دويرة أهلهم أو حيث شاءوا من الحل الذي بين دويرة أهلهم وبين الحرم لقوله عز وجل : { وأتموا الحج والعمرة لله } روينا عن علي ، وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا حين سئلا عن هذه الآية : إتمامهما أن تحرم بهما من دويرة أهلك ، فلا يجوز لهم أن يجاوزوا ميقاتهم للحج أو العمرة إلا محرمين ، والحل الذي بين دويرة أهلهم وبين الحرم كشيء واحد ، فيجوز إحرامهم إلى آخر أجزاء الحل كما يجوز إحرام الآفاقي من دويرة أهله إلى آخر أجزاء ميقاته ، فلو جاوز أحد منهم ميقاته يريد الحج أو العمرة فدخل الحرم من غير إحرام فعليه دم ، ولو عاد إلى الميقات قبل أن يحرم أو بعد ما أحرم ، فهو على التفصيل والاتفاق والاختلاف الذي ذكرنا في الآفاقي إذا جاوز الميقات بغير إحرام .

                                                                                                                                وكذلك الآفاقي إذا حصل في البستان ، أو المكي إذا خرج إليه فأراد أن يحج أو يعتمر فحكمه حكم أهل البستان ، وكذلك البستاني أو المكي إذا خرج إلى الآفاق صار حكمه حكم أهل الآفاق لا تجوز مجاوزته ميقات أهل الآفاق .

                                                                                                                                وهو يريد الحج أو العمرة إلا محرما لما روينا من الحديثين ، ويجوز لمن كان من أهل هذا الميقات وما بعده دخول مكة لغير الحج أو العمرة بغير إحرام عندنا ، ولا يجوز ذلك في أحد قولي الشافعي ، وذكر في قوله الثالث : إذا تكرر دخولهم يجب عليهم الإحرام في كل سنة مرة ، والصحيح : قولنا لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه { رخص للحطابين أن يدخلوا مكة بغير إحرام } ، وعادة الحطابين أنهم لا يتجاوزون الميقات .

                                                                                                                                وروي عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه خرج من مكة إلى قديد ، فبلغه خبر فتنة بالمدينة ، فرجع ودخل مكة بغير إحرام ، ولأن البستان من توابع الحرم فيلحق به ، ولأن مصالح أهل البستان [ ص: 167 ] تتعلق بمكة فيحتاجون إلى الدخول في كل وقت ، فلو منعوا من الدخول إلا بإحرام لوقعوا في الحرج ، وأنه منفي شرعا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية