ثم يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم في نفسه إذا كان منفردا أو إماما ، والكلام في التعوذ في مواضع في بيان صفته ، وفي بيان وقته ، وفي بيان من يسن في حقه ، وفي بيان كيفيته .
أما الأول عند عامة العلماء وعند فالتعوذ سنة في الصلاة ليس بسنة والصحيح قول العامة لقوله تعالى { مالك فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } من غير فصل بين حال الصلاة وغيرها .
وروي أن { قام ليصلي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : تعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن شياطين الإنس والجن أبا الدرداء } ، وكذا الناقلون صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلوا تعوذه بعد الثناء قبل القراءة .
وأما فما بعد الفراغ من التسبيح قبل القراءة عند عامة العلماء . وقت التعوذ
وقال أصحاب الظواهر : وقته ما بعد القراءة لظاهر قوله تعالى { فإذا قرأت القرآن } الآية ، أمر بالاستعاذة بعد قراءة القرآن ; لأن الفاء للتعقيب ، ولنا أن الذين نقلوا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نقلوا تعوذه بعد الثناء قبل القراءة ولأن التعوذ شرع صيانة للقراءة عن وساوس الشيطان ، ومعنى الصيانة إنما يحتاج إليه قبل القراءة لا بعدها والإرادة مضمرة في الآية معناه فإذا أردت قراءة القرآن فاستعذ بالله كذا قال أهل التفسير كما في قوله تعالى : { إذا قمتم إلى الصلاة } أي إذا أردتم القيام إليها .
وأما فهو الإمام والمنفرد دون المقتدي في قول من يسن في حقه التعوذ أبي حنيفة ، وعند ومحمد هو سنة في حقه أيضا ذكر الاختلاف في السير الكبير وحاصل الخلاف راجع إلى أن التعوذ تبع للثناء أو تبع للقراءة فعلى قولهما تبع للقراءة ; لأنه شرع لافتتاح القراءة صيانة لها عن وساوس الشيطان فكان كالشرط لها ، وشرط الشيء تبع له وعلى قوله تبع للثناء ; لأنه شرع بعد الثناء وهو من جنسه وتبع الشيء كاسمه ما يتبعه . أبي يوسف
ويتفرع على هذا الأصل ثلاث مسائل ، إحداها أنه عندهما [ ص: 203 ] لأنه لا قراءة عليه ، وعنده يتعوذ ; لأنه يأتي بالثناء فيأتي بما هو تبع له ، والثانية لا تعوذ على المقتدي عندهما ; لأن ذلك وقت القراءة وعنده يتعوذ بعد الفراغ من التسبيح ; لأنه تبع له ، والثالثة المسبوق إذا شرع في صلاة الإمام وسبح لا يتعوذ في الحال وإنما يتعوذ إذا قام إلى قضاء ما سبق به عندهما إذا كان يرى رأي الإمام في صلاة العيد يأتي بالتعوذ بعد التكبيرات أو رأي ابن عباس ; لأن ذلك وقت القراءة ، وعنده يأتي به بعد التسبيح قبل التكبيرات لكونه تبعا له . ابن مسعود
وأما فالمستحب له أن يقول أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم أو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ; لأن أولى الألفاظ ما وافق كتاب الله وقد ورد هذان اللفظان في كتاب الله تعالى ولا ينبغي أن يزيد عليه إن الله هو السميع العليم ; لأن هذه الزيادة من باب الثناء وما بعد التعوذ محل القراءة لا محل الثناء وينبغي أن لا يجهر بالتعوذ ; لأن الجهر بالتعوذ لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن كيفية التعوذ وابن مسعود رضي الله عنهما أنهما قالا : علي ، ولأن الأصل في الأذكار هو الإخفاء لقوله تعالى { أربع يخفيهن الإمام وذكر منها التعوذ واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة } فلا يترك إلا لضرورة ثم ، وقال يخفي بسم الله الرحمن الرحيم يجهر به . الشافعي