( ومنها ) والجملة فيه أن المحل الذي تنجس إما إن كان شيئا لا يتشرب فيه أجزاء النجس أصلا ، أو كان شيئا يتشرب فيه شيء يسير ، أو كان شيئا يتشرب فيه شيء كثير ، فإن كان مما لا يتشرب فيه شيء أصلا ، كالأواني المتخذة من الحجر والصفر ، والنحاس والخزف العتيق ، ونحو ذلك فطهارته بزوال عين النجاسة ، أو العدد على ما مر ، وإن كان مما يتشرب فيه شيء قليل ، كالبدن والخف والنعل فكذلك ; لأن الماء يستخرج ذلك القليل فيحكم بطهارته ، وإن كان مما يتشرب فيه كثير ، فإن كان مما يمكن عصره كالثياب ، فإن كانت النجاسة مرئية فطهارته بالغسل والعصر إلى أن تزول العين ، وإن كانت غير مرئية فطهارته بالغسل ثلاثا ، والعصر في كل مرة ; لأن الماء لا يستخرج الكثير إلا بواسطة العصر ، ولا يتم الغسل بدونه . العصر فيما يحتمل العصر ، وما يقوم مقامه فيما لا يحتمله
وروي عن أنه يكتفي بالعصر في المرة الأخيرة ، ويستوي الجواب عندنا بين بول الصبي والصبية . محمد
وقال : بول الصبي يطهر بالنضح من غير عصر ، ( واحتج ) بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : { الشافعي } . ينضح بول الصبي ، ويغسل بول الجارية
( ولنا ) ما روينا من حديث من غير فصل بين بول وبول ، وما رواه غريب فلا يقبل ، خصوصا إذا خالف المشهور ، وإن كان مما لا يمكن عصره ، كالحصير المتخذ من البوري ونحوه ، أي ما لا ينعصر بالعصر إن علم أنه لم يتشرب فيه ، بل أصاب ظاهره يطهر بإزالة العين ، أو بالغسل ثلاث مرات من غير عصر ، فأما إذا علم أنه تشرب فيه فقد قال عمار : ينقع في الماء ثلاث مرات ، ويجفف في كل مرة فيحكم بطهارته . أبو يوسف
وقال : لا يطهر أبدا ، وعلى هذا الخلاف : الخزف الجديد إذا تشرب فيه النجس ، والجلد إذا دبغ بالدهن النجس ، والحنطة إذا تشرب فيها النجس وانتفخت أنها لا تطهر أبدا عند محمد ، وعند محمد تنقع في الماء ثلاث مرات ، وتجفف في كل مرة وكذا السكين إذا موه بماء نجس ، واللحم إذا طبخ بماء نجس فعند أبي يوسف : يموه السكين ، ويطبخ اللحم بالطاهر ثلاث مرات ، ويجفف في كل مرة ، وعند أبي يوسف : لا يطهر أبدا وجه قول محمد أن النجاسة إذا دخلت في الباطن يتعذر استخراجها إلا بالعصر ، والعصر متعذر محمد يقول : إن تعذر العصر فالتجفيف ممكن ، فيقام التجفيف مقام العصر [ ص: 89 ] دفعا للحرج وما قاله وأبو يوسف أقيس ، وما قاله محمد أوسع ، ولو أن الأرض أصابتها نجاسة رطبة ، فإن كانت الأرض رخوة يصب عليها الماء ، حتى يتسفل فيها فإذا لم يبق على وجهها شيء من النجاسة ، وتسفلت المياه يحكم بطهارتها ، ولا يعتبر فيها العدد ، وإنما هو على اجتهاده ، وما في غالب ظنه أنها طهرت ، ويقوم التسفل في الأرض مقام العصر فيما يحتمل العصر ، وعلى قياس ظاهر الرواية يصب الماء عليها ثلاث مرات ، ويتسفل في كل مرة ، وإن كانت الأرض صلبة فإن كانت صعودا يحفر في أسفلها حفيرة ، ويصب الماء عليها ثلاث مرات ، ويزال عنها إلى الحفيرة ، ثم تكبر الحفيرة ، وإن كانت مستوية بحيث لا يزول الماء عنها لا تغسل ، لعدم الفائدة في الغسل . أبو يوسف
وقال : إذا كوثرت بالماء طهرت ، وهذا فاسد ; لأن الماء النجس باق حقيقة ، ولكن ينبغي أن تقلب فيجعل أعلاها أسفلها ، وأسفلها أعلاها ليصير التراب الطاهر وجه الأرض ، هكذا روي أن { الشافعي } بوله ، فدل أن الطريق ما قلنا ، والله أعلم . أعرابيا بال في المسجد ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحفر موضع