الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                وأما بيان مقدار الماء الذي يغتسل به فقد ذكر في ظاهر الرواية وقال : أدنى ما يكفي في الغسل من الماء صاع ، وفي الوضوء مد لما روي عن جابر رضي الله عنه أن { النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ بالمد ، ويغتسل بالصاع فقيل له : إن لم يكفنا فغضب وقال : لقد كفى من هو خير منكم ، وأكثر شعرا } ، ثم إن محمدا رحمه الله ذكر الصاع في الغسل ، والمد في الوضوء مطلقا عن الأحوال ، ولم يفسره قال بعض مشايخنا : هذا التقدير في الغسل إذا لم يجمع بين الوضوء ، والغسل فأما إذا جمع بينهما يحتاج إلى عشرة أرطال رطلان للوضوء ، وثمانية أرطال للغسل .

                                                                                                                                وقال عامة المشايخ إن الصاع كاف لهما وروى الحسن عن أبي حنيفة أنه قال : في الوضوء إن كان المتوضئ متخففا ، ولا يستنجي يكفيه رطل واحد لغسل الوجه ، واليدين ، ومسح الرأس ، وإن كان متخففا ، ويستنجي يكفيه رطلان رطل للاستنجاء ورطل للباقي ، ثم هذا التقدير الذي ذكره محمد من الصاع ، والمد في الغسل ، والوضوء ليس بتقدير لازم بحيث لا يجوز النقصان عنه أو الزيادة عليه بل هو بيان مقدار أدنى الكفاية عادة حتى إن من أسبغ الوضوء ، والغسل بدون ذلك أجزأه .

                                                                                                                                وإن لم يكفه زاد عليه ; لأن طباع الناس ، وأحوالهم تختلف ، والدليل عليه ما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { كان يتوضأ بثلثي مد } لكن ينبغي أن يزيد عليه بقدر ما لا إسراف فيه لما روي أن { النبي صلى الله عليه وسلم مر على سعد بن أبي وقاص ، وهو يتوضأ ، ويصب صبا فاحشا فقال : إياك ، والسرف فقال : أوفي الوضوء سرف ؟ قال : نعم ، ولو كنت على ضفة نهر جار } ، وفي رواية { ، ولو كنت على شط بحر } .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية