فصل
قال : الدرجة الثانية : غربة الحال ، وهذا من ، وهو رجل صالح في زمان فاسد بين قوم فاسدين ، أو عالم بين قوم جاهلين ، أو صديق بين قوم منافقين . الغرباء الذين طوبى لهم
يريد بالحال هاهنا : الوصف الذي قام به من الدين والتمسك بالسنة ، ولا يريد به الحال الاصطلاحي عند القوم ، والمراد به : العالم بالحق ، العامل به ، الداعي إليه .
وجعل الشيخ الغرباء في هذه الدرجة ثلاثة أنواع : صاحب صلاح ودين بين قوم فاسدين ، وصاحب علم ومعرفة بين قوم جهال ، وصاحب صدق وإخلاص بين أهل [ ص: 193 ] كذب ونفاق ، فإن صفات هؤلاء وأحوالهم تنافي صفات من هم بين أظهرهم ، فمثل هؤلاء بين أولئك كمثل الطير الغريب بين الطيور ، والكلب الغريب بين الكلاب .
والصديق هو الذي صدق في قوله وفعله ، وصدق الحق بقوله وعمله ، فقد انجذبت قواه كلها للانقياد لله ولرسوله ، عكس المنافق الذي ظاهره خلاف باطنه وقوله خلاف عمله .