الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
فصل منزلة الغنى

ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين منزلة الغنى العالي .

وهو نوعان : غنى بالله ، وغنى عن غير الله ، وهما حقيقة الفقر . ولكن أرباب الطريق أفردوا للغنى منزلة .

قال صاحب " المنازل " رحمه الله : باب الغنى . قال الله تعالى : ووجدك عائلا فأغنى .

وفي الآية ثلاثة أقوال :

أحدهما : أنه أغناه من المال بعد فقره : وهذا قول أكثر المفسرين . لأنه قابله بقوله : عائلا ، والعائل : هو المحتاج . ليس ذا العيلة . فأغناه من المال .

[ ص: 420 ] والثاني : أنه أرضاه بما أعطاه . وأغناه به عن سواه . فهو غنى قلب ونفس ، لا غنى مال . وهو حقيقة الغنى .

والثالث : - وهو الصحيح - أنه يعم النوعين : نوعي الغنى ؛ فأغنى قلبه به . وأغناه من المال .

ثم قال : الغنى اسم للملك التام .

يعني أنه من كان مالكا من وجه دون وجه فليس بغني . وعلى هذا : فلا يستحق اسم الغني بالحقيقة إلا الله . وكل ما سواه فقير إليه بالذات .

التالي السابق


الخدمات العلمية