الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين

ابن القيم - أبو عبد الله محمد بن أبي بكر ابن قيم الجوزية

صفحة جزء
قال : الدرجة الثانية : الصبر على الطاعة بالمحافظة عليها دواما ، وبرعايتها إخلاصا . وبتحسينها علما .

هذا يدل على أن عنده : أن فعل الطاعة آكد من ترك المعصية . فيكون الصبر عليها فوق الصبر عن ترك المعصية في الدرجة .

وهذا هو الصواب - كما تقدم - فإن ترك المعصية إنما كان لتكميل الطاعة . والنهي مقصود للأمر . فالمنهي عنه لما كان يضعف المأمور به وينقصه : نهى عنه حماية ، وصيانة لجانب الأمر ، فجانب الأمر أقوى وآكد . وهو بمنزلة الصحة والحياة . والنهي بمنزلة الحمية التي تراد لحفظ الصحة وأسباب الحياة .

وذكر الشيخ : أن الصبر في هذه الدرجة بثلاثة أشياء : دوام الطاعة . والإخلاص فيها . ووقوعها على مقتضى العلم . وهو تحسينها علما .

فإن الطاعة تتخلف من فوات واحد من هذه الثلاثة . فإن العبد إن لم يحافظ عليها دواما عطلها ، وإن حافظ فيها دواما عرض لها آفتان .

إحداهما : ترك الإخلاص فيها . بأن يكون الباعث عليها غير وجه الله ، وإرادته والتقرب إليه . فحفظها من هذه الآفة : برعاية الإخلاص .

الثانية : ألا تكون مطابقة للعلم بحيث لا تكون على اتباع السنة . فحفظها من هذه الآفة بتجريد المتابعة . كما أن حفظها من تلك الآفة بتجريد القصد والإرادة . فلذلك قال : بالمحافظة عليها دواما ، ورعايتها إخلاصا ، وتحسينها علما .

التالي السابق


الخدمات العلمية